إقامة مسابقة ملكة جمال باكستان في الهند بسبب الظروف الاجتماعية المتشددة

ما الذي بإمكانه تقوية العلاقات الهندية ـ الباكستانية؟


نيودلهي: براكريتي غوبتا

الإجابة:
مسابقة ملكة جمال باكستان التي من المقرر إقامتها في الهند الشهر المقبل. وتعد تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها إقامة هذه المسابقة في شبه القارة الهندية بعد أن بدأت في كندا منذ 11 عاما. ومن الجدير بالذكر أن مسابقة ملكة جمال الهند سوف تتم إقامتها شمال مدينة شانديغار، في ولاية البنجاب، التي تبعد ساعتين من الحدود الباكستانية.
يقوم المنظمون لمسابقة ملكة جمال باكستان خلال العام الحالي بقيادة سونيا أحمد، وهي كندية من أصل باكستاني تبلغ من العمر 31 عاما وتعمل محاسبة قانونية، بتحدي جميع العقبات من أجل إعادة المسابقة إلى شبه القارة الهندية.

للمرة الأولى منذ عام 2002، سوف تقام المسابقة - التي يطلق عليها الآن «وجه العام» - في مدينة شانديغار، وبذلك تفتح باب التقدم للمتسابقات من الهند وباكستان.

وأوضحت سونيا أن السبب الرئيسي لاختيار الهند لإقامة المسابقة هو الترويج لمنافسة إيجابية بين الدول المتجاورة. وقالت ضاحكة: «سوف نرى من التي سوف تحصل على التاج: الهند، البلد الذي تفوز به ملكات الجمال دائما، أم باكستان، حيث الجمال الحقيقي للفتيات؟!».

ففي الماضي أشرفت سونيا على الترتيبات التي اعترفت بأنها لاقت مقاومة عنيفة من الجمهور والحكومة والسفارة (إلى الحد الذي حجبت فيه السفارة عمدا تأشيرات المتسابقات المسافرات إلى اليابان من أجل المسابقة). ومع عام 2003 واجهت سونيا انتقادات عنيفة من قبل المسلمين المتحفظين في المجتمع الكندي لقيامها بتنظيم المسابقة.

قالت سونيا أحمد التي ولدت في كراتشي في باكستان: «لقد مرت سنوات طويلة منذ انعقاد مسابقة ملكة جمال باكستان في كندا التي أدت إلى انتقادات عنيفة من قبل الجاليات الباكستانية في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وكندا، بينما رأت النساء العاملات في مجال الفنون أن المشاركة في تلك المسابقة تساهم في تقدم صناعة الفن، وعارض المناصرون لحقوق المرأة في البرلمان المسابقة بشدة، واصفين إياها بأنها عمل لا يتناسب مع الثقافة الباكستانية». وأضافت:«لا تزال الخلافات مستمرة حتى الآن».

والمثير للدهشة أن الانتقادات لم تكن موجهة لها طيلة الوقت، ففي عام 2007 وجدت سونيا في الرئيس الجنرال برويز مشرف حليفا، فقد تحمس لفكرة الترويج لباكستان بأسلوب مختلف، ولم ير مشرف أي مشكلة في وضع جميلات باكستان على خريطة العالم. وعلى الرغم من ذلك عند تولي حزب الشعب الباكستاني السلطة عام 2008، تم إلغاء المسابقة مجددا.

وتعتقد سونيا أن وجود من يمثل باكستان للمشاركة في مسابقة ملكة جمال العالم من شأنه أن يغير من وجهة نظر النساء والآخرين في باكستان، وتقول: «نحتاج لمن يمثلنا أيضا، يجب أن نظهر للعالم أن للنساء في باكستان توجهات فكرية متعددة، كما أن إقامة المسابقة في مدينة شانديغار القريبة من باكستان سيساهم في زيادة وعي المرأة بحقوقها في وطنها».

وأضافت سونيا، التي قامت بتدشين المسابقة في تورونتو، أنها عندما أعلنت للمرة الأولى عن المسابقة، تلقت رسائل تشي بالكراهية وتتضمن كل أشكال التجاوزات والإهانات، قائلة: «في الحقيقة، جميع الفتيات اللاتي شاركن في مسابقة ملكة جمال باكستان لم يعدن مرة أخرى إلى باكستان خوفا من النبذ، كما انخفضت نسبة المشاركة في السنوات القليلة الماضية بشدة بسبب خوف الفتيات مما قد يسببه ذلك من مشكلات لهن وما قد يتعرضن له من مخاطر في وطنهن». وكإجراء لبناء الثقة تمت إقامة مسابقة ملكة جمال باكستان وكانت سعيدة برد الفعل، وقالت: «كانت هناك زيادة بلغت نحو 50 في المائة في طلبات التقدم للمسابقة».

وقد فقدت أحمد الأمل في زيارة باكستان بعد ما لاقته من معارضة شديدة في بلدها، وصرحت أحمد: «لا تستطيع الحكومة أن توفر لنا تأمينا، لذلك أنا قلقة بشأن العودة». كما امتنعت أحمد عن التصريح بعدد المشاركات المحتملة من الباكستانيات المقيمات في مسابقة «وجه العام» للعام الحالي، حيث يأتي تكتمها نتيجة للتاريخ الطويل المتحفظ لبلدها، فمؤخرا تعهد تحالف ديفا - إي باكستان الديني بـ«بتكسير ساق» أي «عاهرة» تزور الهند لتقوم بالغناء أو التمثيل في السينما الهندية.

وعلى الرغم من منعهن من المشاركة في مسابقة ملكة جمال الكون ومسابقة ملكة جمال العالم حيث إنهم لا يقيمون المسابقة على أرض باكستانية، فإن متسابقة باكستانية فازت مؤخرا بلقب ملكة الصداقة بمسابقة ملكة جمال الكرة الأرضية التي أقيمت في الفلبين، حيث علقت سونيا قائلة: «كان الموضوع ذا أهمية كبرى لنا، حيث لم تحصل هارلين كور من الهند على أي لقب».

وتقر سونيا بأن الحجة الأساسية للمعارضين لمسابقة ملكات جمال باكستان هو العرض الخاص بزي السباحة، وعندما تم سؤالها في وسائل الإعلام الهندية عما إذا كان من الأفضل تجنب العرض الخاص بزي السباحة أجابت: «كان لدينا عرض حتى عام 2007، وأعتقد أن ذلك لا يهم الآن، ولكن يجب ارتداء زي السباحة عند الاشتراك في مسابقات الجمال العالمية، مما قد يتسبب في خسارة المتسابقات الباكستانيات، لذلك يوقعن أوراقا تفيد بأنهن سوف يرتدين زي السباحة في المسابقات الأخرى».

وتحاول عطية بانو قمر، التي تبلغ من العمر 23 عاما وتقيم بأوسلو، أن تشق طريقها في عالم السينما الهندية مثل الكثير من النساء الباكستانيات بعد أن حصلت على لقب الوصيفة الثانية لملكة جمال باكستان، مشيرة إلى عدم وجود أي خلفية سياسية لقرارها بالمشاركة في المسابقة: «لقد أثارت المسابقة اهتمامي من خلال موقع ملكة جمال باكستان على الإنترنت، فقد أردت دوما أن أشارك في مسابقة ملكات الجمال، لذا قمت بملء الطلب وأرسلته، إن عائلتي في أوسلو وباكستان فخورة بي بشدة. أعلم أنه كملكة جمال باكستان يجب علي أن أظهر بشكل يحظى بقبول في بلدي. لا يمكنني إرضاء الجميع، والمهم هو ألا تؤذي تصرفاتي أحدا».

وعملت قمر كعارضة أزياء وسافرت إلى النرويج وألمانيا وكندا وألبانيا، ولكن لم تقم بعد بزيارة رسمية لباكستان، حيث قد لا تحظى بترحيب بين الشعب الباكستاني، بينما يبقى الخيار الوحيد أمامها هو الذهاب إلى الهند لتسير على نهج الكثير من الممثلات الباكستانيات.

وترى سونيا أحمد أنه على الرغم من كل ذلك، فإن المعركة لا تزال في بدايتها، وتعبر عن ذلك قائلة: «من الصعب تمثيل شعب يتلقى اللوم على كل شيء، أعتقد أننا سنتحرر من المتطرفين خلال 10 إلى 15 عاما، حيث سيصبح جيل الخمسينات في سن لا تسمح لهم باتخاذ قرارات تخصنا». وتتمنى أحمد في المستقبل أن تعود مسابقة ملكة جمال باكستان إلى أرض الوطن على الرغم من الصعوبات.

12 مارس 2012

شكراً على تواجدك