مستقبل باكستان بين الثورة وعودة العسكريين للحكم

من المبين أن الأزمة الباكستانية الناجمة عن مسيرة الملايين تزداد حدة باستمرار.
فيرفض عشرات الآلاف من المتظاهرين وعلى رأسهم الشيخ طاهر القادري مغادرة شوارع إسلام آباد ويطالبون بإقالة قادة البلد بينما يعلن رئيس باكستان عن استعداده لمواجهة كافة الطوارئ.
وفي هذه الأثناء جاء فجأة تأكيد الافتراض بأن الأشخاص المتنفذين يقفون وراء قائد مسيرة الملايين.
فقد أعلن بيرفيز مشرف رئيس باكستان السابق الذي هاجر إلى دبي، عن تأييده لطاهر القادري في حديث متلفز أمس الأربعاء
نتيجة مسيرة الملايين الاحتجاجية تتصاعد في باكستان أزمة سياسية تعد أكثر حدة خلال السنوات الأخيرة.
وهناك تساؤلات كثيرة تتعلق بما يجري في البلد.
وما من أحد يستطيع الرد عليها حتى أن المحللين المطلعين على خفايا السياسة الباكستانية غير قادرين على شرح أسباب ما حدث بعد أن عاد رجل الدين طاهر القادري الذي نسي في بلده، من كندا حيث قضى ثماني سنوات.

يمكن القول إن القليلين كانوا يتذكرون قبل شهر اسم هذا الشخص أحد المقربين إلى رئيس باكستان السابق.
ونراه اليوم يستقل سيارة محصنة ومصفحة ضد الرصاص ويتوجه بكلمة ملهمة إلى الحضور قرب مبنى البرلمان سعيا منه إلى تصوير نفسه على أنه منقذ للوطن.
فقال: ليس لدينا برلمان، بل ما يوجد عندنا هو عصابة الناهبين والمغتصبين والسارقين.
ومشرعونا هم الذين ينتهكون كل القوانين..

لقد وجد رئيس باكستان نفسه في وضع صعب جدا إذ ليس بإمكانه وقف الاحتجاجات دفعة واحدة لأن الحكومة الباكستانية الراهنة لا تتمتع بدعم الشعب.
وعليه فإن قيام السلطات بتفريق مسيرة الملايين معناه انتحارها سياسيا.
وفي هذا الظرف لا يسع الرئيس إلا أن يتخذ موقف التربص، وذلك أن كل خطوة قد يخطوها لا بد أن تكون خاطئة.
ولذا أعلن وزير الإعلام الباكستاني قمر الزمان كايرة أن السلطات سمحت بإقامة مظاهرات الاحتجاج وسط المدينة وقال إن باكستان دولة ديمقراطية يحق فيها لكل مواطن التعبير عن رأيه دون انتهاك القانون.
لكن الكثيرين ينتظرون من الحكومة على ما يبدو خطوات حاسمة هادفة إلى إحلال النظام ويتساءلون باستغراب: ترى ما شأن هذا القادري الذي يحمل جنسية مزدوجة؟تجدر الإشارة إلى أنه جاء فجأة تأكيد الافتراض بأن الأشخاص المتنفذين يقفون وراء قائد مسيرة الملايين.
فقد أعلن بيرفيز مشرف رئيس باكستان السابق الذي هاجر إلى دبي، عن تأييده لطاهر القادري أمس (الأربعاء) في حديث متلفز قال فيه: أملي بألا تستخدم أجهزة الأمن القوة ضد الشعب.
وأضاف أنه مستعد لتعجيل عودته إلى الوطن. ودعا القيادة العسكرية إلى القيام بخطوات حاسمة مشيرا إلى أن السلطات المدنية فقدت حقها في تسيير شئون البلد.

لا يستبعد أن يقول العسكريون بالذات الكلمة الفصل في ظروف الأزمة السياسية.

هذه المسألة يرتهن بها مآل المواجهة في باكستان.
فمع أن موقف الجيش الآن هو عدم التدخل إلا أن المراقبين يشيرون إلى أن جزءا من قادة الجيش بمن فيهم الجنرالات المتقاعدون يمكنهم أن يحاولوا في الظرف الراهن الاضطلاع بدور مستقل باللجوء إلى استخدام أساليب الربيع العربي وتحديدا إلى تنظيم الاحتجاجات في الشوارع على غرار ما شاهده ميدان التحرير في مصر، خاصة وأن الكثيرين منهم يعرفون شخصيا الجنرال مشرف بل وربما مديونون له.
وإذا افترضنا أن الاحتجاجات الجماهيرية في باكستان ستؤدي إلى سقوط الحكومة المدنية فقد تسفر الأحداث الجارية فيها عن عودة العسكريين إلى سدة السلطة.