سيرة سيد ظهور شاه الأب الروحي للغة البلوشية رحمه الله
صفحة 1 من اصل 1
سيرة سيد ظهور شاه الأب الروحي للغة البلوشية رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام ع سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد...
نبذة عن سيرة المناضل البلوشي سيد ظهورشاه هاشمي رحمه الله ، أحد رموز البلوش الأب الروحي للغة البلوشية ، الذي سخر نفسه لخدمة قضايا شعبه وأمته و النهوض بها و إحياء لغتها و تراثها القومي ، صاحب الفضل الذي لا يخفى على جميع من ينتمون إلى العرقية البلوشية و جبل شامخ في التاريخ البلوشي المعاصر ..
مدرسة في رجل : سيد ظهورشاه هاشمي
الأدب البلوشي غني جداً بتراثه الشفهي و لكن فقير جداً بالتدوين والمطبوعات ، وفي طلائع القرن العشرين فقط بدء تدوين اللغة البلوشية في الكتب . وفي ظل هكذا ظروف لم يكن من السهل على أحد ان يكرس كل حياته في سبيل نهضة الأدب و اللغة البلوشية . وكان الرجل الذي الزم نفسه وتصدى لذلك سيد ظهورشاه هاشمي .
و بهذه الطريقة قام بإنجازات فشلت المنظمات و المعاهد الأدبية في بلوشستان ان تحققها ، لقد قام بإدخال عنصر الحداثة إلى الشعر البلوشي عن طريق إعطاء الشعر إتجاه معاصر ، وفي خضم ذلك قام بتحرير الشاعرية البلوشية من التأثير اللغة الفارسية و الأوردو ، و شجع كثيراً من الآخرين للإتجاه إلى النثر البلوشي بكتابته أول رواية باللغة البلوشية .
إبتكر هاشمي نسخة وطنية من التاريخ و اللغة و الأدب البلوشي ، الحقل الذي مايزال غير البلوش يسيطرون عليه . و الأكثر تأثيراً من بين جميع إنجازاته تطويره نظام الخط البلوشي و تقنين القواعد اللغوية و النحوية للغة البلوشية ، و تأليفه أول قاموس شامل للغة البلوشية بالآلاف من المداخل اللفظية الموزعة أبجدياً على 833 صفحة بالقطع الكبير ، و مدعمة بمرشد في طرق التلفظ و الترقيم و غيرها من الإرشادات للقارئ .
و علينا الإشارة إلى ان سيد هاشمي قام بكل هذا الجهد الجبار من دون يحضى بجامعة أو تعليم في الكلية .
ولد المترجم له في سنة 1939م في مدينة كـَوادر الساحلية المتنوعة لغوياً ،و التي كانت تحت سلطة سلطنة عمان آنذاك ، وتلقى تعليمه الأولي في منزل والده سيد محمدشاه و الذي كان بدوره متعلماً تعليماً شفهياً تقليدياً .
لاحقاً أدخل الشاب هاشمي إلى مدرسة محلية و التي كانت تعليم اللغة العربية كمادة إلزامية بجانب اللغة الفارسية و الأنكليزية ، ومن والده و معلمه مولوي محمد عيسى ظهر عنده ولع بالشعر الفارسي و بالتحديد للشاعر حافظ الشيرازي و الشيخ سعدي و العلامة إقبال ، و الذي قاده إلى كتابة الشعر بالفارسية و كذلك بالأردو في مرحلة المراهقة .
شارك هاشمي تطوعياً مع حاجي كريم بكش سعيدي لتأسيس منظمة للرعاية الإجتماعية لتحسين الأوضاع الحياتية وتنمية المنطقة و المكافحة من أجل التعليم و التطوير المدني و السياسي لمنطقة كَوادر ، أسست المنظمة مكتبة في المدينة المزدهرة و التي اصبحت بدورها محور للنشاطات الإجتماعية و السياسية في فترة وجيزة من الوقت .
قامت المنظمة ايضاً بالضغط على السلطات المحلية لكي تنشأ المزيد من المعاهد التعليمية و تزود المدينة بالمنشئات المدنية و البنى التحتية ، كافحت من أجل رفع المستوى الإقتصادي لمجتمع الصيادين . وهذا مما زاد في شعبية المنظمة و سيد هاشمي و دفع لمشاركة كل صياد للتبرع بسمكه بعد كل رحلة بحرية .
صُدم والي كَوادر و الذي كان يمثل سلطنة عمان بحجم الإندفاع التوعوي بين الناس ، و توجست خيفة بقية سلطات المدن الأخرى من التحول الذي يمكن ان يوصل إلى الصحوة و الإدراك السياسي في المنطقة و الذي سوف يأخذ بعد ذلك شكلاً من المطالبة بإنشقاق مقاطعة كَوادر عن سلطنة عمان و ضمها إلى باكستان و الذي كان على الأوراق الدولية آنذاك .
وشارك السلطة في كـَوادر نخبة من العشائرالمحلية و كذلك مجتمع التجار الوافد في إنزاعجهم و كراهيتهم لهاشمي ، قدم الوالي شكوى للسلطان العماني عن نشاطاته ( العصيانية ) ، و خوفاً على هاشمي ان يسجنه السلطان نصحه صديقه بالتخلي عن فكرة التوجه إلى سلطنة عُمان ، ولكنه لم يكترث لهذه النصيحه و توجه إلى منطقة الخليج مع عبدالمجيد سُهرابي ، و على عكس التوقعات السائدة قام السلطان العماني بمعاملته بإحترام و قبل التفاوض معه على تلبية إحتياجات كـَوادر .
عاد هاشمي بوعد السلطان بتنمية كـَوادر و باشر إستئناف عمله الإجتماعي و التعليمي بحماسة متجددة ، و هذا ما أغضب الوالي الذي قام بسجنه ، و لكن نظراً لشعبيته الهائلة بين الناس أصاب الوالي الخوف ان يقوم الكـَوادريون بالهجوم على السجن و تحرير قائدهم ، و خوفاً من الأسوأ قام بإطلاق سراح هاشمي و أرسله إلى المنفى .
هكذا قدم هاشمي منفياً إلى كراتشي حيث إنضم إلى راديو باكستان بمهمة الإنطلاق بالخدمات الجديدة المقدمة باللغة البلوشية ، و بهذه المهمة أدرك كم ان اللغة البلوشية فقيرة بالنثر و الصيغة الحديثة للأدب ،و بسرعة أدرك ان العائق في طريق رقي ونهضة اللغة هو غياب نظام للتدوين و القواعد النحوية ، أثرت به و حركته عميقاً محنة لغته الأم ، و قرر ان يكرس حياته لتطوير نظام لتدوين اللغة البلوشية و النهوض بالأدب البلوشي .
بدء بكتابة الشعر البلوشي وإلقاء أول قصيدة بلوشية له في مجلس شعري محلي ،حيث حصل على هتاف و تصفيق كبار كتاب البلوش ، ومن حينها لم يقتصر عمله على مواصلة كتابة الشعر و النثر البلوشي فقط بل بدء ايضاً بدراسة الشعر البلوشي الكلاسيكي و الكفاح من أجل رقي ونهضة الأدب و اللغة البلوشية .
الفترة التي شهدت تأسيس البلوش للمنظمات الأدبية باللإضافة إلى (بلوجي هلكـ ءِ أدب ) و ( بلوجي بازم ءِ أدب ) ، جاهد هاشمي من أجل تسهيل إندماج المنظمتين في ( بلوجي ءٍ زُبان سَر مَجاغ ) مع الهدف الأساسي لتطوير نظام كتابة اللغة البلوشية و القواعد اللغوية والنحوية .
في سنة 1954م أعد كتاباً أولياً في اللغة البلوشية ، وقد وافقت عليه منظمة سرمجاغ و كتاب من مختلف انحاء بلوشستان من ضمنهم الخبير محمد حسين عنقا و مير كـَل خان نسير ، في إجتماع عقد في مكَسي هاوس بكراتشي .
و لكي يكتشف ويطلع بنفسه على مختلف اللهجات للغة البلوشية ويقدم ويعرف بسر مجاغ في كل زاوية و بقعة من الإقليم قام هاشمي و لغوي آخر اسمه عبدالصمد أميري ، بزيارة مختلف انحاء بلوشستان ، و خلال هذه الرحلة الطويلة و المجهدة في وقت لم يكن في بلوشستان سوى بعض الطرق المعبدة و السفر الذي يمكن ان يؤدي الى إتلاف الأعصاب والإستسلام ، أصبح الثنائي معروفين عن كتاب البلوش في مختلف المناطق ، لقد جمعا معرفة ذات قيمة عالية جداً عن اللغة البلوشية الكلاسيكية وكذلك المعاصرة و الأدب . ولقد قام هاشمي ايضاً بزيارة بلوشستان الغربية (تحت الإحتلال الإيراني) لدراسة الأدب البلوشي للمنطقة .
وبعد عودته إلى كراتشي واجه إختلافات حادة قسمت نشاطات سر مجاغ ، وبسبب الوضع المحبط غادر إلى منطقة الخليج و قضى سنوات حياته اللاحقة في البحرين ودول خليجية أخرى ، وفي سنة 1956م أثناء إقامته في البحرين شخصه الأطباء بمرض السل و أمراض أخرى لايمكن الشفاء منها على حد قولهم .
و على الرغم من الأنباء المفجعة رفض ان تأثر صحته المتدهورة على مساعيه و إنتاجه الأدبي و واصل العمل على كتبه ، و الأكثر أهمية بالنسبة له إتمام تصنيف القاموس البلوشي ، و قد كانت مهمة عملاقة لفرد بمفرده .
في مصحة البحرين أكمل معظم الكتب الضرورية في قواعد اللغة البلوشية ، أطلق عليها ( بلوجي سياهغ ءِ راستِ نبيساكـَ ) .
هؤلاء الذين قابلوه خلال فترة مرضه المجهدة الطويلة سترجع لهم صورة هاشمي الذي أصبح أكثر من ذي قبل شغفاً و هوساً بالكتابة عندما شعر بقلة الوقت الذي بقي له في حياته .
بعد السماح له بالخروج من المستشفى ، قصد بومبي في الهند حيث طبع ونشرالكتب التالية : ( سيستاغين دستونك ) و ( أنكـَارءُ ترونكـًل ) و ( تربكانين تريمب ) و ( بلوجي بونكـَيجي ) و ترجمة بلوشية للقرآن الكريم و ( عين ميم ) و ( ميرجينهد ) و ( بلوجي سياهكـً ءِ راست نبيسكـَ ) و الذي قد نشر لاحقاً .
جاء في سنة 1963م المستشرق الأوربي دكتور جون ستراسر إلى باكستان لدراسة اللغة البلوشية ، ولقد زار مختلف المناطق الناطقة باللغة البلوشية في بلوشستان الشرقية و الغربية و الشمالية و عقد إجتماعات مع كتاب البلوش ، و قابل ستراسر ايضاً هاشمي و كان يستلهم و يستفيد بشكل عظيم من إطلاعات هاشمي في اللغة البلوشية والأدب البلوشي ، لاحقاًَ قصد ستراسر منطقة بونو في الهند و قام بدعوة هاشمي للإنضمام إليه ، وهنالك حصلت إجتماعات لاحقاً مع اللغوي دكتور ن . س شوكلا و تعلم الكثير عن اللغات الهندو-أوروبية الأصل منه و الذي عمق إطلاعه على اللغة البلوشية .
رجع هاشمي في سنة 1970م إلى كراتشي حيث تزوج بإمرأة من عائلة أدبيه عريقة ، احد رواد الشعر البلوشي الحديث ، سيد مالانغ شاه و إبنته بانول دشتياري .
وفي كراتشي طبع ونشر هاشمي ( نازُك) أول رواية باللغة البلوشية ، و أتم (سيد كـَنج ) أي كنز سيد القاموس ، و ايضا كتاب ( بلوجي ءُ زُبان و أدب كي تاريخ ) وكتب أخرى .
و خلال تدهور صحته أكثر ، بذل جهداً و تجلداً أكبر و وقتاً أكثر ليعطي لمسات نهائية على كتبه لأنه لم يرغب أن يترك مشروعه ومهمته التي كرس حياته من أجلها غير مكتملة .
توفي رحمه الله في أبريل سنة 1978م ، مع الشوق و التلهف لرؤية احد أبنائه ( قاموس سيد كـَنج ) العمل الأعز على قلبه وحبه ، الذي أخذ منه 26 عاماً من البحوث الشاقة و الرحلات المتحدية عبر العالم الناطق باللغة البلوشية و ما لا يحصى من النقاشات مع العلماء و المهتمين بالتراث الشعبي القومي ليجمع هذا القاموس البلوشي .
ولقي القاموس صدى آراء متنوعة ، و لكن تعثر نشره بسبب بيعه في المكتبات بسعر مرتفع نسبياً مما صدم القراء الذي آمنوا أن كاتب هذا العمل من خبراء البلوش اللغويين و من أهم ما كتب ويهم الفرد البلوشي ويجب أن يكون بسعر مناسب لجميع الشرائح حتى يقدر الكل على إقتناء نسخة منه , وليس فقط قاموس سيد كـَنج لم يلقى الذي يستحقه من الإهتمام والتقدير و الطبع و النشر في مكتبات مناطق البلوش و معاهدهم و منظماتهم و التي من ظمنها ( بلوجي أكاديمي ) و ( سيد هاشمي أكاديمي ) و هؤلاء لم يقدروا من يحملون أسمه وكيف هذا و لا يوجد تذكير بذكرى وفاته التي تمر كل عام كيوم مهم في سبيل ترسيخ و تقدير جهود الرجل و كذلك لم يرى النور 20 كتاب من كتبه ما زالت تنتظر من ينشرها .. هل هكذا يجزى من قدم حياته لشعبه و لغتهم ؟!
و نسأل الله سبحانه أن يقوض من يسعى إلى إحياء سيرة هذا البطل القدوة و ان يعمل على خدمة العباد و البلاد مثلما قدم .. نسأل الله له الرحمة و المغفرة ..
بقلم عباس جالباني ، وبترجمة باحث بلوشي
الصلاة والسلام ع سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد...
نبذة عن سيرة المناضل البلوشي سيد ظهورشاه هاشمي رحمه الله ، أحد رموز البلوش الأب الروحي للغة البلوشية ، الذي سخر نفسه لخدمة قضايا شعبه وأمته و النهوض بها و إحياء لغتها و تراثها القومي ، صاحب الفضل الذي لا يخفى على جميع من ينتمون إلى العرقية البلوشية و جبل شامخ في التاريخ البلوشي المعاصر ..
مدرسة في رجل : سيد ظهورشاه هاشمي
الأدب البلوشي غني جداً بتراثه الشفهي و لكن فقير جداً بالتدوين والمطبوعات ، وفي طلائع القرن العشرين فقط بدء تدوين اللغة البلوشية في الكتب . وفي ظل هكذا ظروف لم يكن من السهل على أحد ان يكرس كل حياته في سبيل نهضة الأدب و اللغة البلوشية . وكان الرجل الذي الزم نفسه وتصدى لذلك سيد ظهورشاه هاشمي .
و بهذه الطريقة قام بإنجازات فشلت المنظمات و المعاهد الأدبية في بلوشستان ان تحققها ، لقد قام بإدخال عنصر الحداثة إلى الشعر البلوشي عن طريق إعطاء الشعر إتجاه معاصر ، وفي خضم ذلك قام بتحرير الشاعرية البلوشية من التأثير اللغة الفارسية و الأوردو ، و شجع كثيراً من الآخرين للإتجاه إلى النثر البلوشي بكتابته أول رواية باللغة البلوشية .
إبتكر هاشمي نسخة وطنية من التاريخ و اللغة و الأدب البلوشي ، الحقل الذي مايزال غير البلوش يسيطرون عليه . و الأكثر تأثيراً من بين جميع إنجازاته تطويره نظام الخط البلوشي و تقنين القواعد اللغوية و النحوية للغة البلوشية ، و تأليفه أول قاموس شامل للغة البلوشية بالآلاف من المداخل اللفظية الموزعة أبجدياً على 833 صفحة بالقطع الكبير ، و مدعمة بمرشد في طرق التلفظ و الترقيم و غيرها من الإرشادات للقارئ .
و علينا الإشارة إلى ان سيد هاشمي قام بكل هذا الجهد الجبار من دون يحضى بجامعة أو تعليم في الكلية .
ولد المترجم له في سنة 1939م في مدينة كـَوادر الساحلية المتنوعة لغوياً ،و التي كانت تحت سلطة سلطنة عمان آنذاك ، وتلقى تعليمه الأولي في منزل والده سيد محمدشاه و الذي كان بدوره متعلماً تعليماً شفهياً تقليدياً .
لاحقاً أدخل الشاب هاشمي إلى مدرسة محلية و التي كانت تعليم اللغة العربية كمادة إلزامية بجانب اللغة الفارسية و الأنكليزية ، ومن والده و معلمه مولوي محمد عيسى ظهر عنده ولع بالشعر الفارسي و بالتحديد للشاعر حافظ الشيرازي و الشيخ سعدي و العلامة إقبال ، و الذي قاده إلى كتابة الشعر بالفارسية و كذلك بالأردو في مرحلة المراهقة .
شارك هاشمي تطوعياً مع حاجي كريم بكش سعيدي لتأسيس منظمة للرعاية الإجتماعية لتحسين الأوضاع الحياتية وتنمية المنطقة و المكافحة من أجل التعليم و التطوير المدني و السياسي لمنطقة كَوادر ، أسست المنظمة مكتبة في المدينة المزدهرة و التي اصبحت بدورها محور للنشاطات الإجتماعية و السياسية في فترة وجيزة من الوقت .
قامت المنظمة ايضاً بالضغط على السلطات المحلية لكي تنشأ المزيد من المعاهد التعليمية و تزود المدينة بالمنشئات المدنية و البنى التحتية ، كافحت من أجل رفع المستوى الإقتصادي لمجتمع الصيادين . وهذا مما زاد في شعبية المنظمة و سيد هاشمي و دفع لمشاركة كل صياد للتبرع بسمكه بعد كل رحلة بحرية .
صُدم والي كَوادر و الذي كان يمثل سلطنة عمان بحجم الإندفاع التوعوي بين الناس ، و توجست خيفة بقية سلطات المدن الأخرى من التحول الذي يمكن ان يوصل إلى الصحوة و الإدراك السياسي في المنطقة و الذي سوف يأخذ بعد ذلك شكلاً من المطالبة بإنشقاق مقاطعة كَوادر عن سلطنة عمان و ضمها إلى باكستان و الذي كان على الأوراق الدولية آنذاك .
وشارك السلطة في كـَوادر نخبة من العشائرالمحلية و كذلك مجتمع التجار الوافد في إنزاعجهم و كراهيتهم لهاشمي ، قدم الوالي شكوى للسلطان العماني عن نشاطاته ( العصيانية ) ، و خوفاً على هاشمي ان يسجنه السلطان نصحه صديقه بالتخلي عن فكرة التوجه إلى سلطنة عُمان ، ولكنه لم يكترث لهذه النصيحه و توجه إلى منطقة الخليج مع عبدالمجيد سُهرابي ، و على عكس التوقعات السائدة قام السلطان العماني بمعاملته بإحترام و قبل التفاوض معه على تلبية إحتياجات كـَوادر .
عاد هاشمي بوعد السلطان بتنمية كـَوادر و باشر إستئناف عمله الإجتماعي و التعليمي بحماسة متجددة ، و هذا ما أغضب الوالي الذي قام بسجنه ، و لكن نظراً لشعبيته الهائلة بين الناس أصاب الوالي الخوف ان يقوم الكـَوادريون بالهجوم على السجن و تحرير قائدهم ، و خوفاً من الأسوأ قام بإطلاق سراح هاشمي و أرسله إلى المنفى .
هكذا قدم هاشمي منفياً إلى كراتشي حيث إنضم إلى راديو باكستان بمهمة الإنطلاق بالخدمات الجديدة المقدمة باللغة البلوشية ، و بهذه المهمة أدرك كم ان اللغة البلوشية فقيرة بالنثر و الصيغة الحديثة للأدب ،و بسرعة أدرك ان العائق في طريق رقي ونهضة اللغة هو غياب نظام للتدوين و القواعد النحوية ، أثرت به و حركته عميقاً محنة لغته الأم ، و قرر ان يكرس حياته لتطوير نظام لتدوين اللغة البلوشية و النهوض بالأدب البلوشي .
بدء بكتابة الشعر البلوشي وإلقاء أول قصيدة بلوشية له في مجلس شعري محلي ،حيث حصل على هتاف و تصفيق كبار كتاب البلوش ، ومن حينها لم يقتصر عمله على مواصلة كتابة الشعر و النثر البلوشي فقط بل بدء ايضاً بدراسة الشعر البلوشي الكلاسيكي و الكفاح من أجل رقي ونهضة الأدب و اللغة البلوشية .
الفترة التي شهدت تأسيس البلوش للمنظمات الأدبية باللإضافة إلى (بلوجي هلكـ ءِ أدب ) و ( بلوجي بازم ءِ أدب ) ، جاهد هاشمي من أجل تسهيل إندماج المنظمتين في ( بلوجي ءٍ زُبان سَر مَجاغ ) مع الهدف الأساسي لتطوير نظام كتابة اللغة البلوشية و القواعد اللغوية والنحوية .
في سنة 1954م أعد كتاباً أولياً في اللغة البلوشية ، وقد وافقت عليه منظمة سرمجاغ و كتاب من مختلف انحاء بلوشستان من ضمنهم الخبير محمد حسين عنقا و مير كـَل خان نسير ، في إجتماع عقد في مكَسي هاوس بكراتشي .
و لكي يكتشف ويطلع بنفسه على مختلف اللهجات للغة البلوشية ويقدم ويعرف بسر مجاغ في كل زاوية و بقعة من الإقليم قام هاشمي و لغوي آخر اسمه عبدالصمد أميري ، بزيارة مختلف انحاء بلوشستان ، و خلال هذه الرحلة الطويلة و المجهدة في وقت لم يكن في بلوشستان سوى بعض الطرق المعبدة و السفر الذي يمكن ان يؤدي الى إتلاف الأعصاب والإستسلام ، أصبح الثنائي معروفين عن كتاب البلوش في مختلف المناطق ، لقد جمعا معرفة ذات قيمة عالية جداً عن اللغة البلوشية الكلاسيكية وكذلك المعاصرة و الأدب . ولقد قام هاشمي ايضاً بزيارة بلوشستان الغربية (تحت الإحتلال الإيراني) لدراسة الأدب البلوشي للمنطقة .
وبعد عودته إلى كراتشي واجه إختلافات حادة قسمت نشاطات سر مجاغ ، وبسبب الوضع المحبط غادر إلى منطقة الخليج و قضى سنوات حياته اللاحقة في البحرين ودول خليجية أخرى ، وفي سنة 1956م أثناء إقامته في البحرين شخصه الأطباء بمرض السل و أمراض أخرى لايمكن الشفاء منها على حد قولهم .
و على الرغم من الأنباء المفجعة رفض ان تأثر صحته المتدهورة على مساعيه و إنتاجه الأدبي و واصل العمل على كتبه ، و الأكثر أهمية بالنسبة له إتمام تصنيف القاموس البلوشي ، و قد كانت مهمة عملاقة لفرد بمفرده .
في مصحة البحرين أكمل معظم الكتب الضرورية في قواعد اللغة البلوشية ، أطلق عليها ( بلوجي سياهغ ءِ راستِ نبيساكـَ ) .
هؤلاء الذين قابلوه خلال فترة مرضه المجهدة الطويلة سترجع لهم صورة هاشمي الذي أصبح أكثر من ذي قبل شغفاً و هوساً بالكتابة عندما شعر بقلة الوقت الذي بقي له في حياته .
بعد السماح له بالخروج من المستشفى ، قصد بومبي في الهند حيث طبع ونشرالكتب التالية : ( سيستاغين دستونك ) و ( أنكـَارءُ ترونكـًل ) و ( تربكانين تريمب ) و ( بلوجي بونكـَيجي ) و ترجمة بلوشية للقرآن الكريم و ( عين ميم ) و ( ميرجينهد ) و ( بلوجي سياهكـً ءِ راست نبيسكـَ ) و الذي قد نشر لاحقاً .
جاء في سنة 1963م المستشرق الأوربي دكتور جون ستراسر إلى باكستان لدراسة اللغة البلوشية ، ولقد زار مختلف المناطق الناطقة باللغة البلوشية في بلوشستان الشرقية و الغربية و الشمالية و عقد إجتماعات مع كتاب البلوش ، و قابل ستراسر ايضاً هاشمي و كان يستلهم و يستفيد بشكل عظيم من إطلاعات هاشمي في اللغة البلوشية والأدب البلوشي ، لاحقاًَ قصد ستراسر منطقة بونو في الهند و قام بدعوة هاشمي للإنضمام إليه ، وهنالك حصلت إجتماعات لاحقاً مع اللغوي دكتور ن . س شوكلا و تعلم الكثير عن اللغات الهندو-أوروبية الأصل منه و الذي عمق إطلاعه على اللغة البلوشية .
رجع هاشمي في سنة 1970م إلى كراتشي حيث تزوج بإمرأة من عائلة أدبيه عريقة ، احد رواد الشعر البلوشي الحديث ، سيد مالانغ شاه و إبنته بانول دشتياري .
وفي كراتشي طبع ونشر هاشمي ( نازُك) أول رواية باللغة البلوشية ، و أتم (سيد كـَنج ) أي كنز سيد القاموس ، و ايضا كتاب ( بلوجي ءُ زُبان و أدب كي تاريخ ) وكتب أخرى .
و خلال تدهور صحته أكثر ، بذل جهداً و تجلداً أكبر و وقتاً أكثر ليعطي لمسات نهائية على كتبه لأنه لم يرغب أن يترك مشروعه ومهمته التي كرس حياته من أجلها غير مكتملة .
توفي رحمه الله في أبريل سنة 1978م ، مع الشوق و التلهف لرؤية احد أبنائه ( قاموس سيد كـَنج ) العمل الأعز على قلبه وحبه ، الذي أخذ منه 26 عاماً من البحوث الشاقة و الرحلات المتحدية عبر العالم الناطق باللغة البلوشية و ما لا يحصى من النقاشات مع العلماء و المهتمين بالتراث الشعبي القومي ليجمع هذا القاموس البلوشي .
ولقي القاموس صدى آراء متنوعة ، و لكن تعثر نشره بسبب بيعه في المكتبات بسعر مرتفع نسبياً مما صدم القراء الذي آمنوا أن كاتب هذا العمل من خبراء البلوش اللغويين و من أهم ما كتب ويهم الفرد البلوشي ويجب أن يكون بسعر مناسب لجميع الشرائح حتى يقدر الكل على إقتناء نسخة منه , وليس فقط قاموس سيد كـَنج لم يلقى الذي يستحقه من الإهتمام والتقدير و الطبع و النشر في مكتبات مناطق البلوش و معاهدهم و منظماتهم و التي من ظمنها ( بلوجي أكاديمي ) و ( سيد هاشمي أكاديمي ) و هؤلاء لم يقدروا من يحملون أسمه وكيف هذا و لا يوجد تذكير بذكرى وفاته التي تمر كل عام كيوم مهم في سبيل ترسيخ و تقدير جهود الرجل و كذلك لم يرى النور 20 كتاب من كتبه ما زالت تنتظر من ينشرها .. هل هكذا يجزى من قدم حياته لشعبه و لغتهم ؟!
و نسأل الله سبحانه أن يقوض من يسعى إلى إحياء سيرة هذا البطل القدوة و ان يعمل على خدمة العباد و البلاد مثلما قدم .. نسأل الله له الرحمة و المغفرة ..
بقلم عباس جالباني ، وبترجمة باحث بلوشي
SARMACHAR- عضو جديد
- عدد الرسائل : 158
العمر : 38
الموقع : جبـــــال بلــوجستـــان
العمل/الترفيه : تحرير بلوجستان بأذن اللــــه
المزاج : فدائي للوطن
تاريخ التسجيل : 25/10/2008
مواضيع مماثلة
» "الأب الروحي" للبرنامج النووي الباكستاني يطلق حزبه السياسي
» جند الله البلوشية تشن هجوماً اعلامياً على إيران
» جمهورية باكستان الإسلامية..
» صوره للمك فيصل رحمه الله
» الباكستاني الذي سرق منزل بن باز ـ رحمه الله ـ ,,,,,
» جند الله البلوشية تشن هجوماً اعلامياً على إيران
» جمهورية باكستان الإسلامية..
» صوره للمك فيصل رحمه الله
» الباكستاني الذي سرق منزل بن باز ـ رحمه الله ـ ,,,,,
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى