فرنسي يطارد الفراشات في جبال باكستان

يتسلق جيروم باجيس منذ عقدين طرقاً جبلية في شمال باكستان، وهو مسلّح بشباك، لكن هذا الفرنسي لا يطارد الاسلاميين المتشددين بل فراشات جميلة مستعيناً بفاكهة وجبن بلدة ماروال الفرنسية.
في جبال منطقة ايوبية المغطاة بأشجار أرز معمرة والتي تلوح في أفقها منطقة كشمير، يبحث جيروم عن فراشة نادرة من نوع معروف في الهند، لكن لم يسبق ان رصد في باكستان المجاورة. ويقول الفرنسي الستيني: «إنها فراشة جميلة جداً! هذا نوع لا نجده إلا في جبال الهمالايا». الا انها ليست الفراشة التي يسعى جاهداً الى إيجادها، لذا يواصل طريقه.
مع مرافقه نصير وهو رجل قصير القامة لديه شاربان كبيران، جاب جيروم على مدى ستة اسابيع هذه السنة الغابات والهضاب والجبال في شمال باكستان يرافقه بعض رجال الشرطة.
قبل هجمات 11 ايلول (سبتمبر)، كانت هذه المناطق ببحيراتها الزمردية تجذب آلاف السياح الاجانب، الا ان الوضع تغيّر منذ ذلك الحين. والاجانب القلائل الذين يأتون الى هذه المنطقة الصخرية يلازمهم عناصر من الشرطة كظلهم. وقد قتل عشرة متسلقي جبال خلال الصيف الحالي برصاص مجموعة اسلامية مسلحة في منطقة نانغانت باربات.
وتتقلص المناطق المتاحة لمطاردي الفراشات القلائل مثل ياباني نحيل البنية التقاه جيروم هذه السنة، بسرعة بسبب انعدام الامن المتزايد في البلاد. لكن ذلك لم يمنع الاختصاصي في علم الحشرات ودليله وسائقه، من ان يجوبوا هذه السنة أيضاً أجزاء كبيرة من مناطق خيبر باختونخوا وجيلجيت- بلتيستان وكشمير بحماية الشرطة.
في حياته اليومية يعمل جيروم أستاذا في كلية الهندسة الزراعية في رين في منطقة بريتانيا الفرنسية. لكن مع انتهاء السنة الدراسية يتحول الى مستكشف ينتقل الى الجبال في شمال باكستان وأقاصي الهند والصين بحثاً عن فراشات.
وبعدما طارد الفراشات في تركيا لسنوات، إنتقل إلى باكستان في العام 1994. ويقول إن «الوصول إلى افغانستان كان مستحيلاً وايران صعباً لذا فرضت باكستان نفسها. وميزة هذا البلد انه يوفر مناطق متنوعة جداً من غابات رطبة ومناطق صحراوية وتدرج بين مستوى البحر وجبال الهملايا الشاهقة. ويلفت إلى أن «مطاردة الفراشات في فرنسا لا تأتي بجديد لأن كل الأنواع معروفة فيها منذ قرن تقريباً، لكن في باكستان يمكننا أن نأمل إيجاد نوع جديد».
ورُصد كثير من الانواع الجديدة قبل تغلغل حركة «طالبان» في وادي سوات الجميل في شمال غرب البلاد حيث فرض الاسلاميون المتشددون حكمهم بين العامين 2007 و2009 مانعين الفتيات من التوجه الى المدرسة. قبل سنة من ذلك، إكتشف جيروم في وادي سوات جوهرة مجموعته، وهي فراشة عريضة بأجنحة بنية وصفراء كانت غير معروفة حتى الآن سمّاها «تنييا» تيمناً بزوجته آن، وقدّم نماذج منها إلى متحف الإنسان في باريس ومتحف «بريتيش ميوزيوم» في لندن.
وفيما يطارد الخبير أشعة الشمس على سفوح الجبال والأشواك التي تجذب الفراشات، لا يتردد أيضاً في جذب الفراشات من خلال فاكهة مخمرة أو حتى جبن ماروال ذي الرائحة القوية والقشرة البرتقالية اللون.