أزمة مياه شرب في #باكستان

تؤكد وزارة الصحة في باكستان، أنّ شريحة كبيرة من السكان باتت محرومة من المياه الصالحة للشرب، وتتسبب هذه الأزمة في انتشار الأمراض الوبائية بشكل مخيف، مما أدى إلى موت الملايين من أهل البلاد على مدار سنوات، معظمهم من الأطفال.
وبالرغم من وجود ميزانية مخصصة لهذا القطاع، إلا أن الأزمة تكبر يوما بعد يوم. فيما تبقى وعود الحكومات المتعاقبة بتوفير المياه الصالحة للشرب لكافة المواطنين، مجرد حبر على ورق.
وكانت لجنة برلمانية خاصة، شُكلت أخيراً لبحث موضوع المياه الصالحة للشرب، قد كشفت أنّ 82% من مياه باكستان غير صالحة للشرب. وأكد مسؤول اللجنة طارق بشير شيمه أنّ عملية الفحص أجريت على مياه 24 مديرية في مختلف الأقاليم الباكستانية. كما كُلفت اللجنة بإجراء فحص للمياه النقية التي تبيعها الشركات الباكستانية، وكشفت بعد الفحص أن 17 % من تلك المياه، تحمل فيروسات مختلفة. وسجلت اللجنة دعوى قضائية ضد تلك الشركات.
وترتفع نسبة تلوث المياه في القرى والأرياف مقارنة بالمدن. ويحرم معظم سكان القرى والأرياف من المياه الصالحة للشرب، ومن تمديدات المياه الحكومية. ويعتمد القرويون، في معظم الأحيان، على مياه ملوثة تستخرج من الآبار والبحيرات. ولعلّ السبب في ذلك هو الفقر المدقع، وبُعد القرى عن أنظار الحكومة، وضعف التوعية بشأن الأمراض التي تسببها المياه الملوثة.
كما أنّ الأمر تطور إلى ما هو أسوأ، في بعض القرى. ويروي الناشط الاجتماعي، علي بهتي، الذي زار أخيراً مناطق نائية في إقليمي البنجاب والسند، قصصا مفزعة عن الوضع هناك. ويقول إنّ القرويين يعتمدون أحيانا على مياه الأمطار والسيول التي تجتمع في الجداول والبحيرات. فيشرب السكان والمواشي منها في الوقت عينه.
ويضيف بهتي لـ"العربي الجديد" أنّ "مئات من سكان تلك القرى يموتون سنويا بسبب الأمراض الناجمة عن تلوث المياه. ومعظم هؤلاء من الأطفال الذين يموتون بسبب الإسهال واليرقان وغيرهما من الأمراض". ويشير إلى أنّ "سكان هذه المناطق محرومون من الرعاية الطبية، بالإضافة إلى حرمانهم من المياه الصالحة للشرب".
كما تؤدي أزمة المياه إلى انتشار أمراض فتاكة بشكل مخيف، كمرض التهاب الكبد الوبائي والسل والفشل الكلوي وغيرها. ويقول الطبيب المتخصص في مجال أمراض الكبد جهان زيب لـ"العربي الجديد" إنّ "مرض التهاب الكبد ينتشر بشكل وبائي في البلاد، وهناك تزايد مخيف في أعداد المصابين بالمرض". ويلمّح إلى أنّ "السبب الرئيسي في تفشي مرض الكبد الوبائي الذي يفضي في بعض الأحيان إلى السرطان هو المياه غير الصالحة للشرب". كما يكشف أنّ "35 % من سكان بعض القرى والأرياف الباكستانية يحملون فيروس الكبد الوبائي، في الوقت الذي يعيش معظم سكان الأرياف في حالة من الفقر، ولا يمكنهم الحصول على وسائل تنقية مياه مناسبة".
ومن هؤلاء عبد الوهاب، وهو أحد سكان مدينة بيشاور، أصيبت أسرته المكونة من خمسة أفراد بالتهاب الكبد الوبائي، وتوفيت والدته نتيجة إصابتها بسرطان الكبد. يقول لـ"العربي الجديد": "أوصاني الطبيب بتوفير المياه الصالحة للشرب لأسرتي، لكن لا أدري إلى متى ستسمح ميزانيتي بذلك".
ويعتبر الأطفال أكثر المتأثرين بأزمة المياه. ووفقا لتقديرات طبية فإن 250 ألف طفل دون الخامسة يموتون في باكستان كل عام بسبب الأمراض الناجمة عن تلوث المياه.
ويعلق على الموضوع الطبيب المتخصص في مجال الأطفال عبد الله، أنّ "40 % من الأطفال في باكستان يموتون بسبب تلوث المياه والأمراض التي تخلفها أزمة المياه الصالحة للشرب". ويضيف أنّ "وفيات الأطفال ترتفع بشكل مفزع خلال الفترة الأخيرة". لكنّه في المقابل، يشير إلى أنّ الأحوال تحسنت نسبيا في المدن الباكستانية، بسبب اهتمام بعض المؤسسات بالموضوع، أما في القرى والأرياف فما زال الوضع سيئاً.
من جهتها، يقتصر دور الحكومات الباكستانية المتعاقبة على الوعود. ولم تنجز سوى خطوات طفيفة لا يعتد بها. فعلى سبيل المثال، شرعت الحكومة في العاصمة إسلام آباد والمناطق المجاورة إلى توفير مياه الشرب، من خلال إنشاء محطات. وكان من المقرر إنشاء أكثر من 6 آلاف محطة في كافة المدن. لكن وبعد إنشاء أقل من 50 محطة توقف المشروع من دون أي سبب. ويعزو المسؤول في فرع مياه الشرب بوزارة المياه، محمد إشفاق في حديثه لـ"العربي الجديد" التوقف، إلى "عدم تخصيص الحكومة ميزانية كافية لهذا القطاع، بخلاف ما تدعيه الحكومات المتعاقبة".

إسلام آباد ــ صبغة الله صابر



18 أكتوبر 2014