الطعام الأخير
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الطعام الأخير
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بقلق..
مضت نحو المطبخ..
وبخوف..
أخذت تبحث عما تحتاجه لإعداد طعامها المفضل..
لكن..
ومع انهماكها في العمل..
بعثرت المتعة مشاعر القلق والخوف في داخلها.. فلم يعد لهما أي أثر..
مضت نحو المطبخ..
وبخوف..
أخذت تبحث عما تحتاجه لإعداد طعامها المفضل..
لكن..
ومع انهماكها في العمل..
بعثرت المتعة مشاعر القلق والخوف في داخلها.. فلم يعد لهما أي أثر..
صوت أذان المغرب وحده.. هو ما نبهها من هواجس متصلة منذ أدت فريضة صلاة العصر..
بجهد كبير.. نهضت متوجهة إلى القبلة، ودمعات هادئة تشق طريقها خلال خديها الأجعدين..
أنهت الفريضة وسنتها.. ثم عادت لتأخذ وضعها السابق كما هي عادتها دائمًا.. إذ لا شيء يمكنها أن تفعله إلا ما يستحيل منعها منه..
رتابة حمله تلك التي تُقيدها..
وفراغ قاس ذلك الذي يحيط بها..
لا عمل..
لا زيارات..
ولا حتى مجرد حديث ودي صادق!..
ترى؟!!
أي ضرر كان سيحدث لو أنها رافقتهم في نزهتهم البرية.. حتى لو تطلب الأمر أن تظل وحدها في السيارة.. وتترك لهم حرية الجلوس بمفردهم..
كم تشتاق لرؤية شمس الخلاء الصافية.. والتمتع بنسمات هوائه النقية..
يقول الجميع إن البراري اكتست بوشاح أخضر جميل بعد موسم الأمطار الغزير هذا العام..
لكنها هي وحدها من لم تر.. واكتفت بالسماع والتخيل..
يتتابع رنين الهاتف بإصرار.. فتنهض في مشقة نحوه لتجيب.. وتسعد بالصوت القديم..
من؟!!
أم سالم!
- نعم.. أم سالم.
- أهلاً وسهلاً ومرحبًا..
كيف حالك؟. وكيف حال الأولاد؟
- بخير ولله الحمد..
كيف حالك أنت؟.. وكيف حال خالد وأولاده؟
- بخير من الله ونعمة..
لكن أخبريني يا أم سالم؟؟
أين كنت طوال هذه الفترة؟!! شهران لا أسمع لك صوتًا!
- كنت في زيارة طويلة لابني عبد الله..
- ما شاء الله..
أكنت عند عبد الله؟!
- نعم..
وعندما أردت العودة.. أصر على أخذي للعمرة حيث بقينا هناك لأسبوع.. ثم جاء بي هنا عند سالم.
- أو اعتمرت يا أم سالم؟!!
ما شاء الله.. تقبل الله..
- منا ومنك إن شاء الله.
- إيه.. يا أم سالم..
كم تتوق نفسي للعمرة..
اشتقت لبيت الله وللصلاة فيه..
أعوام طويلة مرت.. منذ آخر مرة اعتمرت فيها..
- يعلم الله أنني تمنيت وجودك معي هناك..
- بارك الله فيك يا أم سالم.. وحفظ لك أبناءك وبارك فيهم..
- لكن ما هذا الهدوء يا أم خالد؟!
ليس من عادة بيتكم أن يكون هادئًا.. ألا يوجد سواك في المنزل؟!
- كلا.. لا يوجد سواي..
- وأين خالد والأولاد؟
- ذهبوا للبر منذ الصباح..
- ولماذا لم تذهبي معهم.. لا تقولي بأنها رفضت..
- لم يعرض علي الذهاب معهم.. وهذا يعني أنها لا تريدني أن أذهب..
- لكن هذا لا يجوز..
إلى متى تصبرين على هذه الحال؟!
ثم أين خالد؟!
كيف يسكت على تصرفات زوجته؟!!
- ومن يقول لك إنه يدري أصلاً؟
هو يظن أنني أنا من لا أرغب في الخروج أبدًا..
لقد عاهدتها على أن أتركها تحيا كما تشاء.. وأن لا أتدخل في شئونها أو شئون بيتها وأولادها..
بل إنني أصبحت أفعل ما تريده مني..
أعيش كما تريد..
آكل ما تريد.. وأشرب ما تريد..
أخرج متى ما أرادت.. وأبقى متى ما أمرت..
كل ذلك مقابل أن توافق على العيش معي.. وأن تتركني أتمتع برؤية ولدي أمام ناظري..
كانت عبارتها الأخيرة متقطعة خافتة.. وممزوجة بنشجيها الذي أخذ يزداد شيئًا فشيئًا وسط حوقلات صاحبتها..
- أحيانًا.. أشتهي شيئًا من طعامنا القديم.. وأود لو أذوق منه ولو لقيمات قليلة.. لكن.. حتى المطبخ منعتني من دخوله أو لمس غرض من أغراضه..
أنا لم أطلب منها يومًا أن تصنع لي شيئًا محددًا.. فما أريده وأشتهيه سأصنعه بنفسي.. فقط لو تسمح لي..
لكن..
حسبي الله ونعم الوكيل..
تصوري يا أم سالم..
منذ أن خرجوا منذ الصباح الباكر وحتى الآن.. لم أذوق لقمة واحدة.. اللهم بضع تميرات قلائل وجدتها في ركن المطبخ..
وأخشى لو صنعت لي شيئًا لآكله.. أن تغضب وتقيم الدنيا فوق رأسي..
- لا يا أم خالد.. لا..
لقد تجاوز الأمر حده..
ليس من المعقول أن تظلي طوال اليوم بلا طعام خشية من غضبها وحنقها.. رغم أنه كان من الواجب عليها أن تعد لك شيئًا لتأكليه على الأقل ما دامت ستقضي طوال النهار خارج المنزل.
اسمعي يا أم خالد..
الآن وحالاً.. تقومين وتصنعين لك شيئًا لتأكليه..
لابد أن تأكلي شيئًا.
- لكن يا أم سالم..
- لكن ماذا؟!
لا تقولي أخشى غضبها..
البيت بيت ولدك.. وهو بيتك وبيت زوجك رحمه الله قبل أن يكون لولدك وزوجته..
ثم أنك لن تصنعي شيئًا يذكر سوى وجبة بسيطة من الطعام.. يعود كل شيء بعدها إلى حاله..
هيا يا أم خالد.. هيا..
اذهبي واصنعي لك شيئًا لتأكليه.. وسأتصل بك بعد العشاء لأرى ماذا صنعت..
- أترين ذلك يا أم سالم؟
- أجل.. وليس غيره..، فليس من المعقول أن تظلي جائعةً إلى حين عودتهم..
ثم أنهم لن يعودوا قبل أن يملئوا بطونهم بما لذ وطاب.. وستبيتين ليلتك بلا طعام..
- حسنًا يا أم سالم..
سأفعل ما ترين..
- وكما قلت لك.. سأتصل بك بعد العشاء لأرى ماذا فعلت..
في أمان الله..
- في أمان الله..
بقلق..
مضت نحو المطبخ..
وبخوف..
أخذت تبحث عما تحتاج لإعداد طعامها المفضل...
لكن...
ومع انهماكها في العمل..
كادت المتعة أن تذهب مشاعر القلق والخوف في داخلها.. فلم يعد لها أي أثر..
استمتعت كثيرًا وهي تُكسر رقائق البر بين يديها وتضيفها إلى قدرٍ توزعت فيه قطع قليلة من اللحم وشيئًا من الخضار..
تركت الطعام ليتم نضجه.. وذهبت لأداء فريضة العشاء بعد أن أعادت ترتيب المكان كما كان وأحسن وشعور بالسعادة والنشاط ينتشر في داخلها..
وما أن أتمت صلاتها.، حتى سمعت أصوات أحفادها المختلطة بفرح تعلن عن عودتهم.. فمضت نحو المطبخ لتحضر الطعام الذي زادت في كميته حتى يشاركها أكله ابنها وأولاده..
عندما دخلت المطبخ.. كان الموقد خاليًا.. ولا أثر للطعام فوقه!!
بحثت في الثلاجة..
لكن أيضًا لا أثر!!
- عن ماذا تبحثين؟
جاءها صوت زوجة ابنها بنبرته القاسية المعتادة..
أبدًا يا ابنتي.. لكنني كنت قد صنعت شيئًا من الطعام قبل قليل.. وتركته هنا على الموقد..
ابتسمت زوجة ابنها على غير المعتاد وهي تسأل:
- وهل تريدينه؟
- أجل يا ابنتي..
فأنا لم أذق شيئًا منذ الصباح.. ورأيت أن أصنع بعض الطعام.
- ولم. لا؟!!
ابتسمت العجوز ورعشة الخوف تغطي ملامحها ثم سألت:
- فأين هو يا ابنتي؟
- هنا...
وأشارت بيدها إلى صندوق النفايات حيث كان الطعام منتثرًا.. وأبخرته لا زالت تتصاعد حاملة رائحة النضج!!!
ألجمت الدهشة العجوز.. وخنقت صوتها العبرات.. ومضت تجر خطواتها بوجوم إلى حيث غرفتها..
بجهد كبير.. نهضت متوجهة إلى القبلة، ودمعات هادئة تشق طريقها خلال خديها الأجعدين..
أنهت الفريضة وسنتها.. ثم عادت لتأخذ وضعها السابق كما هي عادتها دائمًا.. إذ لا شيء يمكنها أن تفعله إلا ما يستحيل منعها منه..
رتابة حمله تلك التي تُقيدها..
وفراغ قاس ذلك الذي يحيط بها..
لا عمل..
لا زيارات..
ولا حتى مجرد حديث ودي صادق!..
ترى؟!!
أي ضرر كان سيحدث لو أنها رافقتهم في نزهتهم البرية.. حتى لو تطلب الأمر أن تظل وحدها في السيارة.. وتترك لهم حرية الجلوس بمفردهم..
كم تشتاق لرؤية شمس الخلاء الصافية.. والتمتع بنسمات هوائه النقية..
يقول الجميع إن البراري اكتست بوشاح أخضر جميل بعد موسم الأمطار الغزير هذا العام..
لكنها هي وحدها من لم تر.. واكتفت بالسماع والتخيل..
يتتابع رنين الهاتف بإصرار.. فتنهض في مشقة نحوه لتجيب.. وتسعد بالصوت القديم..
من؟!!
أم سالم!
- نعم.. أم سالم.
- أهلاً وسهلاً ومرحبًا..
كيف حالك؟. وكيف حال الأولاد؟
- بخير ولله الحمد..
كيف حالك أنت؟.. وكيف حال خالد وأولاده؟
- بخير من الله ونعمة..
لكن أخبريني يا أم سالم؟؟
أين كنت طوال هذه الفترة؟!! شهران لا أسمع لك صوتًا!
- كنت في زيارة طويلة لابني عبد الله..
- ما شاء الله..
أكنت عند عبد الله؟!
- نعم..
وعندما أردت العودة.. أصر على أخذي للعمرة حيث بقينا هناك لأسبوع.. ثم جاء بي هنا عند سالم.
- أو اعتمرت يا أم سالم؟!!
ما شاء الله.. تقبل الله..
- منا ومنك إن شاء الله.
- إيه.. يا أم سالم..
كم تتوق نفسي للعمرة..
اشتقت لبيت الله وللصلاة فيه..
أعوام طويلة مرت.. منذ آخر مرة اعتمرت فيها..
- يعلم الله أنني تمنيت وجودك معي هناك..
- بارك الله فيك يا أم سالم.. وحفظ لك أبناءك وبارك فيهم..
- لكن ما هذا الهدوء يا أم خالد؟!
ليس من عادة بيتكم أن يكون هادئًا.. ألا يوجد سواك في المنزل؟!
- كلا.. لا يوجد سواي..
- وأين خالد والأولاد؟
- ذهبوا للبر منذ الصباح..
- ولماذا لم تذهبي معهم.. لا تقولي بأنها رفضت..
- لم يعرض علي الذهاب معهم.. وهذا يعني أنها لا تريدني أن أذهب..
- لكن هذا لا يجوز..
إلى متى تصبرين على هذه الحال؟!
ثم أين خالد؟!
كيف يسكت على تصرفات زوجته؟!!
- ومن يقول لك إنه يدري أصلاً؟
هو يظن أنني أنا من لا أرغب في الخروج أبدًا..
لقد عاهدتها على أن أتركها تحيا كما تشاء.. وأن لا أتدخل في شئونها أو شئون بيتها وأولادها..
بل إنني أصبحت أفعل ما تريده مني..
أعيش كما تريد..
آكل ما تريد.. وأشرب ما تريد..
أخرج متى ما أرادت.. وأبقى متى ما أمرت..
كل ذلك مقابل أن توافق على العيش معي.. وأن تتركني أتمتع برؤية ولدي أمام ناظري..
كانت عبارتها الأخيرة متقطعة خافتة.. وممزوجة بنشجيها الذي أخذ يزداد شيئًا فشيئًا وسط حوقلات صاحبتها..
- أحيانًا.. أشتهي شيئًا من طعامنا القديم.. وأود لو أذوق منه ولو لقيمات قليلة.. لكن.. حتى المطبخ منعتني من دخوله أو لمس غرض من أغراضه..
أنا لم أطلب منها يومًا أن تصنع لي شيئًا محددًا.. فما أريده وأشتهيه سأصنعه بنفسي.. فقط لو تسمح لي..
لكن..
حسبي الله ونعم الوكيل..
تصوري يا أم سالم..
منذ أن خرجوا منذ الصباح الباكر وحتى الآن.. لم أذوق لقمة واحدة.. اللهم بضع تميرات قلائل وجدتها في ركن المطبخ..
وأخشى لو صنعت لي شيئًا لآكله.. أن تغضب وتقيم الدنيا فوق رأسي..
- لا يا أم خالد.. لا..
لقد تجاوز الأمر حده..
ليس من المعقول أن تظلي طوال اليوم بلا طعام خشية من غضبها وحنقها.. رغم أنه كان من الواجب عليها أن تعد لك شيئًا لتأكليه على الأقل ما دامت ستقضي طوال النهار خارج المنزل.
اسمعي يا أم خالد..
الآن وحالاً.. تقومين وتصنعين لك شيئًا لتأكليه..
لابد أن تأكلي شيئًا.
- لكن يا أم سالم..
- لكن ماذا؟!
لا تقولي أخشى غضبها..
البيت بيت ولدك.. وهو بيتك وبيت زوجك رحمه الله قبل أن يكون لولدك وزوجته..
ثم أنك لن تصنعي شيئًا يذكر سوى وجبة بسيطة من الطعام.. يعود كل شيء بعدها إلى حاله..
هيا يا أم خالد.. هيا..
اذهبي واصنعي لك شيئًا لتأكليه.. وسأتصل بك بعد العشاء لأرى ماذا صنعت..
- أترين ذلك يا أم سالم؟
- أجل.. وليس غيره..، فليس من المعقول أن تظلي جائعةً إلى حين عودتهم..
ثم أنهم لن يعودوا قبل أن يملئوا بطونهم بما لذ وطاب.. وستبيتين ليلتك بلا طعام..
- حسنًا يا أم سالم..
سأفعل ما ترين..
- وكما قلت لك.. سأتصل بك بعد العشاء لأرى ماذا فعلت..
في أمان الله..
- في أمان الله..
بقلق..
مضت نحو المطبخ..
وبخوف..
أخذت تبحث عما تحتاج لإعداد طعامها المفضل...
لكن...
ومع انهماكها في العمل..
كادت المتعة أن تذهب مشاعر القلق والخوف في داخلها.. فلم يعد لها أي أثر..
استمتعت كثيرًا وهي تُكسر رقائق البر بين يديها وتضيفها إلى قدرٍ توزعت فيه قطع قليلة من اللحم وشيئًا من الخضار..
تركت الطعام ليتم نضجه.. وذهبت لأداء فريضة العشاء بعد أن أعادت ترتيب المكان كما كان وأحسن وشعور بالسعادة والنشاط ينتشر في داخلها..
وما أن أتمت صلاتها.، حتى سمعت أصوات أحفادها المختلطة بفرح تعلن عن عودتهم.. فمضت نحو المطبخ لتحضر الطعام الذي زادت في كميته حتى يشاركها أكله ابنها وأولاده..
عندما دخلت المطبخ.. كان الموقد خاليًا.. ولا أثر للطعام فوقه!!
بحثت في الثلاجة..
لكن أيضًا لا أثر!!
- عن ماذا تبحثين؟
جاءها صوت زوجة ابنها بنبرته القاسية المعتادة..
أبدًا يا ابنتي.. لكنني كنت قد صنعت شيئًا من الطعام قبل قليل.. وتركته هنا على الموقد..
ابتسمت زوجة ابنها على غير المعتاد وهي تسأل:
- وهل تريدينه؟
- أجل يا ابنتي..
فأنا لم أذق شيئًا منذ الصباح.. ورأيت أن أصنع بعض الطعام.
- ولم. لا؟!!
ابتسمت العجوز ورعشة الخوف تغطي ملامحها ثم سألت:
- فأين هو يا ابنتي؟
- هنا...
وأشارت بيدها إلى صندوق النفايات حيث كان الطعام منتثرًا.. وأبخرته لا زالت تتصاعد حاملة رائحة النضج!!!
ألجمت الدهشة العجوز.. وخنقت صوتها العبرات.. ومضت تجر خطواتها بوجوم إلى حيث غرفتها..
* * *
لم يمض طويل من الوقت حتى جاء صوت خالد مناديًا أمه، التي سارعت بمسح دموعها قبل أن يراها.
- أمي؟
هل أنت مستيقظة؟
- أجل يا بني..
- أم سالم تريدك على الهاتف..
- حسنًا يا بني..
استوت جالسة على فراشها.. ثم رفعت سماعة الهاتف ليأتيها صوت أم سالم على عجل..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- وعليكم السلام ورحمة الله..
- ها يا أم خالد..
بشّرى..
كيف كان الطعام؟
لم تجب أم خالد.. غير أن نشجيها المكتوم أخذ يتعالى وسط دهشة من صاحبتها..
- أم خالد!!
ما بك؟!
أم خالد.. أجيبي..
أحصل ثمة مكروه؟!
- كلا يا أم سالم..
كلا..
لم يحصل أي مكروه..
- إذا ما بك؟!
لماذا تبكين؟!
تنهدت العجوز بحسرة.. ثم قالت بصوت خافت مجهد..
- صنعت الطعام يا أم سالم..
لكن..
بينما تركته ليتم نضجه وذهبت لأصلي العشاء.. كانت قد عادت.. ورأيته..
- وماذا قالت؟
- لم تقل شيئًا..
- إذًا ما الذي حدث؟!!
- عندما بحثت عن الطعام لم أجده..
لأنها..
لأنها كانت قد ألقته بكامله في صندوق النفايات..
- أعوذ بالله!!
أعوذ بالله!!
أي قلب يحتويه صدر هذه المرأة؟!!، وأي جسد يحتمل روحها الشريرة؟!
لا حول ولا قوة إلى بالله..
لا حول ولا قوة إلى بالله..
- لا أدري ما الذي بين وبينها..
الله يعلم أنني لم أؤذها قط.. ولم تسمع مني يومًا ما تكره..
أعيش ذليلة منكسرة في بيتي.. ومع ذلك لا ترضى.. لا أدري ما الذي تريده مني..
لقد سئمت الحياة بسببها.. وبت أنتظر الفرج من الله..
- لا عليك يا أم خالد..
لا عليك..
اصبري وتوكلي على الله.. والله لن يضيعك..
إن الله يمهل ولا يهمل.. وإن لم تتب وتهتدي.. فستنال جزاءها إن عاجلاً أو آجلاً..
فقط توكلي على الله.. وفوضي أمرك إليه..
- ونعمى بالله..
- اسمعي يا أم خالد..
غدًا عند الضحى بإذن الله. سآتي لزيارتك.. وسأجلب معي أحب الطعام إلى قلبك.
- جزاك الله كل خير يا أم سالم..
لكن لا داعي لذلك.. لا تكلفي نفسك..
- أي كلفة يا امرأة؟! الأمر هين..
ثم إنني أصلاً مشتاقة لرؤيتك والجلوس معك..
- حياك الله في أي وقت..
- إلى الغد إذن يا أم خالد..
في أمان الله..
- في أمان الله..
أسندت العجوز جسدها إلى فراشها، ودمعات سخيفة لم تزل تنهمر من عينيها..
أحست بقهر وحزن بالغين يتنازعان روحها المجهدة بينما لسانها لم يتوقف عن شكوى حالها لخالقها..
كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحًا حينما استقلت أم سالم سيارة ولدها في طريقها إلى منزل أم خالد..
عدد كبير من السيارات كان يحيط بالمنزل أثار استغراب كل من الولد وأمه..
- هل هناك وليمة عند خالد يا أمي؟!!
- كلا لا أظن..
ثم حتى لو كان هنالك وليمة، فلن يجتمع الناس منذ الصباح هكذا..
- سنرى..
طرق سالم باب المنزل المفتوح.. وكان واضحًا أن ثمة جلبة غريبة تأتي من داخله..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
- وعليكم السلام ورحمة الله..
- كيف حالك يا خالد؟
- بخير..
بخير ولله الحمد..
كان صوت خالد متحشرجًا خافتًا.. وحمرة واضحة تغمر عينيه..
- ما بك يا خالد؟
هل أنت متعب؟
لم يجب خالد..
لكن عيناه المترقرقتان بالدمع.. نبأت بأن ثمة مكروه قد حصل..
- خالد!!
ما بك؟!!
الوالدة بخير؟؟
هل هي موجودة؟
أطرق خالد برأسه وهو يهزه بالنفي..
- إذن فأين هي؟!!
- الوالدة توفيت يا سالم..
وجدناها فجر اليوم وقد فارقت الحياة..
- ماذا؟!
التفت الابنان على صرخة أم سالم الفزعة.. بينما سقط قدر الطعام من يدها متناثرًا على الأرض.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بقلم/وجود
- أمي؟
هل أنت مستيقظة؟
- أجل يا بني..
- أم سالم تريدك على الهاتف..
- حسنًا يا بني..
استوت جالسة على فراشها.. ثم رفعت سماعة الهاتف ليأتيها صوت أم سالم على عجل..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- وعليكم السلام ورحمة الله..
- ها يا أم خالد..
بشّرى..
كيف كان الطعام؟
لم تجب أم خالد.. غير أن نشجيها المكتوم أخذ يتعالى وسط دهشة من صاحبتها..
- أم خالد!!
ما بك؟!
أم خالد.. أجيبي..
أحصل ثمة مكروه؟!
- كلا يا أم سالم..
كلا..
لم يحصل أي مكروه..
- إذا ما بك؟!
لماذا تبكين؟!
تنهدت العجوز بحسرة.. ثم قالت بصوت خافت مجهد..
- صنعت الطعام يا أم سالم..
لكن..
بينما تركته ليتم نضجه وذهبت لأصلي العشاء.. كانت قد عادت.. ورأيته..
- وماذا قالت؟
- لم تقل شيئًا..
- إذًا ما الذي حدث؟!!
- عندما بحثت عن الطعام لم أجده..
لأنها..
لأنها كانت قد ألقته بكامله في صندوق النفايات..
- أعوذ بالله!!
أعوذ بالله!!
أي قلب يحتويه صدر هذه المرأة؟!!، وأي جسد يحتمل روحها الشريرة؟!
لا حول ولا قوة إلى بالله..
لا حول ولا قوة إلى بالله..
- لا أدري ما الذي بين وبينها..
الله يعلم أنني لم أؤذها قط.. ولم تسمع مني يومًا ما تكره..
أعيش ذليلة منكسرة في بيتي.. ومع ذلك لا ترضى.. لا أدري ما الذي تريده مني..
لقد سئمت الحياة بسببها.. وبت أنتظر الفرج من الله..
- لا عليك يا أم خالد..
لا عليك..
اصبري وتوكلي على الله.. والله لن يضيعك..
إن الله يمهل ولا يهمل.. وإن لم تتب وتهتدي.. فستنال جزاءها إن عاجلاً أو آجلاً..
فقط توكلي على الله.. وفوضي أمرك إليه..
- ونعمى بالله..
- اسمعي يا أم خالد..
غدًا عند الضحى بإذن الله. سآتي لزيارتك.. وسأجلب معي أحب الطعام إلى قلبك.
- جزاك الله كل خير يا أم سالم..
لكن لا داعي لذلك.. لا تكلفي نفسك..
- أي كلفة يا امرأة؟! الأمر هين..
ثم إنني أصلاً مشتاقة لرؤيتك والجلوس معك..
- حياك الله في أي وقت..
- إلى الغد إذن يا أم خالد..
في أمان الله..
- في أمان الله..
أسندت العجوز جسدها إلى فراشها، ودمعات سخيفة لم تزل تنهمر من عينيها..
أحست بقهر وحزن بالغين يتنازعان روحها المجهدة بينما لسانها لم يتوقف عن شكوى حالها لخالقها..
كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحًا حينما استقلت أم سالم سيارة ولدها في طريقها إلى منزل أم خالد..
عدد كبير من السيارات كان يحيط بالمنزل أثار استغراب كل من الولد وأمه..
- هل هناك وليمة عند خالد يا أمي؟!!
- كلا لا أظن..
ثم حتى لو كان هنالك وليمة، فلن يجتمع الناس منذ الصباح هكذا..
- سنرى..
طرق سالم باب المنزل المفتوح.. وكان واضحًا أن ثمة جلبة غريبة تأتي من داخله..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
- وعليكم السلام ورحمة الله..
- كيف حالك يا خالد؟
- بخير..
بخير ولله الحمد..
كان صوت خالد متحشرجًا خافتًا.. وحمرة واضحة تغمر عينيه..
- ما بك يا خالد؟
هل أنت متعب؟
لم يجب خالد..
لكن عيناه المترقرقتان بالدمع.. نبأت بأن ثمة مكروه قد حصل..
- خالد!!
ما بك؟!!
الوالدة بخير؟؟
هل هي موجودة؟
أطرق خالد برأسه وهو يهزه بالنفي..
- إذن فأين هي؟!!
- الوالدة توفيت يا سالم..
وجدناها فجر اليوم وقد فارقت الحياة..
- ماذا؟!
التفت الابنان على صرخة أم سالم الفزعة.. بينما سقط قدر الطعام من يدها متناثرًا على الأرض.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بقلم/وجود
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
رد: الطعام الأخير
حقيقة يتوقف القلم و الفكر عن التسطير والتعبير
قصة رائعة وجميلة وتحكي واقع الحال المرير الذي تعيشه الأمهات في كثير من المناطق بصمت مطبق حقاً قصة جميلة جدا جدا
اللهم اغفر لوالدينا وأعنا على برهم ,
مشكورة أختي الفاضلة ولا حرمنا من جديدك
قصة رائعة وجميلة وتحكي واقع الحال المرير الذي تعيشه الأمهات في كثير من المناطق بصمت مطبق حقاً قصة جميلة جدا جدا
اللهم اغفر لوالدينا وأعنا على برهم ,
مشكورة أختي الفاضلة ولا حرمنا من جديدك
مفكرة رجل لم يولد- كاتب مداوم
- عدد الرسائل : 1008
العمر : 39
العمل/الترفيه : محامي
تاريخ التسجيل : 12/12/2009
رد: الطعام الأخير
أشكرك أختى
قصة حقيقية تعيشها الكثير الأمهات وبعض الأحيان مرت الولد
مرأة تعادي مرأة الله المستعان,,,,
يسلمو عـ القصة المميزة~~~~
قصة حقيقية تعيشها الكثير الأمهات وبعض الأحيان مرت الولد
مرأة تعادي مرأة الله المستعان,,,,
يسلمو عـ القصة المميزة~~~~
Neena hadi- مشرفة أرض النقاء والجمال/القسم الاجتماعي/القسم العلمي
- عدد الرسائل : 2523
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 23/10/2009
رد: الطعام الأخير
مفكرة رجل لم يولد كتب:حقيقة يتوقف القلم و الفكر عن التسطير والتعبير
قصة رائعة وجميلة وتحكي واقع الحال المرير الذي تعيشه الأمهات في كثير من المناطق بصمت مطبق حقاً قصة جميلة جدا جدا
اللهم اغفر لوالدينا وأعنا على برهم ,
مشكورة أختي الفاضلة ولا حرمنا من جديدك
نسأل الله أن يجعلنا من البارين بوالديهم
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
رد: الطعام الأخير
Neena hadi كتب:أشكرك أختى
قصة حقيقية تعيشها الكثير الأمهات وبعض الأحيان مرت الولد
مرأة تعادي مرأة الله المستعان,,,,
يسلمو عـ القصة المميزة~~~~
نعم
اختي
وينسين واو يتناسين
ان الدنيا دوارة!
اختي
وينسين واو يتناسين
ان الدنيا دوارة!
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
رد: الطعام الأخير
السلام عليكم.....
شكرا على القصة الرائعة
أختي الكريمة ....
لكن هل هناك قلوب اشد قساوة
من الصخر
بل ان من الصخر لتتفجر
ينابيع
من الماء ...
القصة المتني كثيرا
وأتمنى
أن لا تكون حقيقية
مع أنني
أعتقد أن هناك من يعاني مثل
أم خالد ...
شكرا على القصة الرائعة
أختي الكريمة ....
لكن هل هناك قلوب اشد قساوة
من الصخر
بل ان من الصخر لتتفجر
ينابيع
من الماء ...
القصة المتني كثيرا
وأتمنى
أن لا تكون حقيقية
مع أنني
أعتقد أن هناك من يعاني مثل
أم خالد ...
صدق- المراقب العام
- عدد الرسائل : 4328
العمر : 40
العمل/الترفيه : etudiant
المزاج : simple
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: الطعام الأخير
Nahle كتب:السلام عليكم.....
شكرا على القصة الرائعة
أختي الكريمة ....
لكن هل هناك قلوب اشد قساوة
من الصخر
بل ان من الصخر لتتفجر
ينابيع
من الماء ...
القصة المتني كثيرا
وأتمنى
أن لا تكون حقيقية
مع أنني
أعتقد أن هناك من يعاني مثل
أم خالد ...
عليكم السلام والرحمة
العفو
الدنيا فيها من البشر من كل الصنوف والانواع!
شكراً
على تواجدك
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى