الشاحنات في باكستان تزين الطرق السريعة بألوانها الزاهية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هنا على هذا الطريق التاريخي المعروف باسم «غراند ترنك رود» (طريق الشاحنات الكبير)، الواقع على بعد قرابة 40 ميلا شمال لاهور، وعلى بعد بضع ساعات إلى الجنوب من المخبأ السابق لأسامة بن لادن في أبوت آباد، غطت على صوت أذان صلاة الظهر، المنبعث من أحد المساجد في أحد أيام الجمعة، موسيقى بوب صادرة عن الأسواق المقامة في الهواء الطلق هنا.
وزاد من الضوضاء أصوات سائقي الحافلات وهم ينادون بأسماء المناطق التي يقصدونها.
وبدت جحافل السيارات المارة على الطريق والمتنوعة ما بين مركبات صغيرة وجرارات زراعية وحافلات وشاحنات نقل بضائع كما لو أن قوافل نشطاء السلام التي تميزت بها ستينات القرن الماضي قد عادت من جديد.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وفي المشهد، تداخلت ألوان الأحمر والأصفر والأخضر، علاوة على عرائس بلاستيكية ملونة معلقة في مقدمة السيارات لا تكف عن الدوران وأبواب مصقولة مصنوعة من خشب الماهوغاني وصفائح معدنية متلألئة مصنوعة من الصلب غير قابل للصدأ - كل ذلك قطعا يعد مشهدا سحريا بالنسبة للزائرين العاشقين للسيارات.
إلا أن رد الفعل الذي سيطر علي لم ينبع من تنوع منظر السيارات فحسب - وهو تنوع شائع في مختلف أرجاء جنوب آسيا - ولا حتى من التنوع الشديد في الألوان المحيطة، وإنما من الكمية الهائلة والتفاصيل السريالية للزخارف الموجودة على السيارات التي استخدمت فيها هذه الألوان وخلقت مشاهد لم أعاين مثلها قط خلال أسفاري في شتى أرجاء العالم.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وعلى مدار أيام من الاختلاط بسائقي الشاحنات وأصحاب متاجر الزينة والزخرفة في كراتشي ولاهور وبيشاور، اكتسبت تفهما أعمق لأصول ومعاني الزخارف.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

تعد كراتشي، المطلة على بحر العرب، أكبر موانئ باكستان، بجانب كونها مركزا لنشاط الشحن على مستوى البلاد.
ويبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة، وبالمدينة الكثير من الحافلات تعمل على خطوط داخلية وأخرى تربط بين المدينة ومدن أخرى.
وعليه، فإن بالمدينة صناعة تزيين مركبات واسعة النطاق، وعندما نشرت مجلة «أرامكو وورلد» السعودية مقالا حول هذه الصناعة عام 2005، ذكرت أن ما يفوق الـ50000 شخص داخل كراتشي يعملون في تزيين الحافلات والشاحنات.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وداخل الورش الباكستانية، وجدت تصميمات رائعة، وأبدى العاملون استعدادا واضحا للرد على استفساراتي - ولاستعراض إبداعاتهم.
وربما ساعدت لحيتي الكثة في حصولي على ثقتهم ومنحهم إياي فرصة إلقاء نظرة داخل قمرات الشاحنات التي يعملون على تزيينها.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عند قهوة يرتادها السائقون بالقرب من فناء الشاحنات الدولي التابع لكراتشي والممتد لثلاثة أميال، اصطحبني العمال (بعدما رفضت دعوة لتناول لحم جمل مسلوق وشوربة ساق بقرة) إلى متجر «مسالة» لتزيين الشاحنات.
وبدت ملابسي الغربية شاذة عن المكان بقدر ما كانت قمصانهم الطويلة والصنادل الجلدية التي يرتدونها ستبدو شاذة في «هنتس بوينت» في برونكس بنيويورك.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ولم يبد لوكالات السلامة الحكومية أدنى وجود داخل فناء الشاحنات، وانتشر على أجساد العاملين، والكثير منهم من أبناء أصحاب الورش، رذاذ وشرارات من معدات التقطيع ومواقد اللحام التي يستخدمونها.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حملت الكثير من الشاحنات التي كان يجري تزيينها داخل «مسالة» ألواح أرقام تنتمي لإقليم بلوشستان.
وتدفقت الأموال على أصحاب هذه الشاحنات بفضل الطلب المستمر على نقل حاويات قادمة بحرا إلى ميناء كراتشي إلى داخل أفغانستان التي لا تطل على أي بحار.
وعادة ما تتضمن الشحنات التي ينقلونها إمدادات خاصة بالعمليات العسكرية للقوات الأميركية وقوات حلف الناتو، ومن أجل توصيلها، يقطع السائقون مسافة 500 ميل عبر الطريق الجنوبي إلى قندهار أو 1200 ميل عبر طريق شمالي نحو كابل.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وبمقدور سائقي الشاحنات الباكستانيين بسهولة أن يقضوا داخل شاحناتهم وقتا أطول عما يقضونه داخل منازلهم.
وأخبرني سائق من منطقة غوادار من بلوشستان أنه اشترى لتوه شاحنة طراز «هينو» مقابل ما يعادل 35000 دولار ونقلها على الفور إلى ورشة «مسالة».
وهناك، ربما ينفق 25000 دولار أخرى على تزيين وزخرفة السيارة.
وخلال الأسابيع الكثيرة اللازمة لإنجاز هذه العملية، ينام السائق داخل شاحنته أو أسفلها.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وتبلغ تكلفة إضافة لمسات زخرفية أخرى مثل الشرائط الملونة والأعلام والقطع المعدنية المصقولة في صورة حيوانات 800 دولار على الأقل.
ويجري النظر لهذه المصاريف باعتبارها نفقات دعائية، ذلك أن الحافلات شديدة الزخرفة والزينة عادة ما تمثل الاختيار الأول للعملاء لدى توافر الكثير من الخيارات أمامهم.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وتنتمي غالبية الشاحنات إلى طرازي «نيسان» و«هينو» ذات المقدمة المسطحة، ويجري تجميع الكثير منها داخل باكستان.
وأصبحت هذه النوعية من السيارات الخيار الأول للكثير من السائقين اليوم، لتحل محل «فوكسهول بيدفورد»، وهو طراز بريطاني يتسم بكابينة تقليدية الشكل.
كانت «فوكسهول بيدفورد» الشاحنة الأولى على طرق الشحن الباكستانية منذ الأيام الأولى لاستقلال البلاد.
ولا تزال تحظى بالتقدير على نطاق واسع لهيكلها المعدني القوي وقدرتها على نقل حمولات ضخمة تفوق حجمها.
وتتسم الكثير منها بمقدمة بارزة تجعلها مناسبة للتزيين وتجعلها أشبه بسفينة.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ومثلما الحال داخل الولايات المتحدة، ظهور شاحنة شديدة الزينة والزخرفة ربما يشكل دافعا قويا لاجتذاب الساقين.
وعادة ما يسمح أصحاب الحافلات والشاحنات الباكستانيين للسائقين العاملين تحت إمرتهم باختيار الزخارف وأشكال التزيين التي يرغبونها. وكما هو متوقع، أدى الإقبال الضخم إلى تغيير شكل هذا النشاط التجاري على مر السنوات، حيث لم تعد أعمال التزيين والرسم يدوية بصورة حصرية.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عن ذلك، قال كورام أوان، صاحب متجر صغير لمستلزمات تزيين الشاحنات في لاهور: «في البداية، كان يجري تزيين الحافلات الباكستانية باستخدام أعمال خشبية مزدانة بالنقوش ورسومات فردية. الآن.
يبيع متجري أكثر من 1000 عنصر زخرفة وتزيين مختلف، بينها شرائط زينة مجدولة وأجسام عاكسة وأضواء قوية وهوائي».

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من ناحية أخرى، أبدت درية قاضي، فنانة ومدرسة في كراتشي، منذ أمد بعيد عشقها للفن الشعبي الباكستاني، وترى في تزيين وزخرفة الحافلات جزءا أصيلا من هذا التقليد، مشيرة إلى أهمية التمييز بين النحت حسبما هو معروف داخل المعارض الفنية والنشاط الفني الثري المتمثل في تصنيع عناصر تنتشر بشتى أرجاء باكستان.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عام 2006، لعبت قاضي دورا محوريا في برنامج يرمي لنشر المهارات الباكستانية في تزيين الحافلات في ملبورن بأستراليا، حيث جرى تحويل ترام إلى صورة طبق الأصل من حافلة كان يجري استخدامها في كراتشي على الطريق «دبليو - 11».

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ويعد البروفسور جمال إلياس، من جامعة بنسلفانيا، ومؤلف كتاب «على أجنحة الديزل: الشاحنات والهوية والثقافة في باكستان» (دار نشر ونورلد، 2011)، شخصية باكستانية أخرى متمرسة بهذا المجال.
ويتناول كتابه تقليد تزيين الشاحنات الباكستانية ويدرس «طبيعة الاستجابة للرسوم الدينية في الثقافة الإسلامية الشعبية».

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال البروفسور إلياس إن المدخلات الإبداعية للقائمين بعملية التزيين والزخرفة تضمنت الكثير من المواضيع الكبرى، بينها صور دينية إسلامية مثل فرس الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وصور للحرم المكي.
ومن بين المواضيع الأخرى صور لسمكة، مما يعد رمزا للحظ الطبي، وعيون امرأة جميلة، في رمز للجمال.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ويتناقض ذلك بشدة مع موضوع آخر وصفه بأنه عناصر من الحياة الحديثة، منها رسومات للعلم الباكستانية أو حاكم عسكري أو طائرة تتبع شركة «الخطوط الجوية الباكستانية» أو حتى مطرب مفضل.
وجرت العادة على وضع أي من هذه العناصر على مناطق محددة من الشاحنة أو الحافلة.
ورغم أن الفروق لا تبدو واضحة للعين غير المدربة، بإمكان السائقين تحديد أي مناطق باكستان تنتمي إليها سيارة ما بناء على الزخارف التي تزدان بها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ويعتبر أسطول حافلات «سامي دايو إكسبريس» الكورية استثناء واضحا لتقليد تزيين الحافلات في باكستان.
وترمي التذاكر الأعلى سعرا التي تطرحها الشركة لحافلاتها لاجتذاب أبناء الطبقة الوسطى.
وتكتفي الشركة بتزيين حافلاتها طراز «دايو» بالألوان المميزة للشركة، مما يجعل مظهرها كئيبا بعض الشيء، لكنها مكيفة الهواء وتعمل طبقا لجدول مواعيد منتظم.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

المثير أن سائقي الشاحنات الأميركيين، خاصة من يملكون الشاحنات التي يعملون عليها، تربطهم الكثير من العناصر المشتركة بنظرائهم الباكستانيين، على رأسها الرغبة في التفرد، وإن كان الأميركيون يفضلون الرسومات المطلية بالكروم على التصميمات المرسومة.
ويمكن التأكد من هذا الأمر لدى زيارتك متجر «إمباير كروم شوب» في ويست ممفيس بأركنساس، أحد أكبر المتاجر العاملة بهذا المجال على مستوى الولايات المتحدة.
وتعرض مدونة المتجر التي تحمل اسم «إنترنت كروم بلوغ» المئات من العناصر المطلية بالكروم أجهزة نفير مميزة للقطارات تعمل بالهواء وتجسيمات لسيدات جميلات.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وفي الساعات الأولى من الصباح، قد تصادف الكثير من الشاحنات المصقولة اللامعة التي قضت الليل في انتظار شراء عناصر تزيين جديدة مطلية بالكروم - في مشهد لا يختلف كثيرا عن متجر تزيين الشاحنات «مسالة» في كراتشي الذي يبعد قرابة 8000 ميل.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

صدقت!

شكراً على المساهمة!

صحيح فيها نوع من المبالغة

لكن
منظرها أفضل من المناظر المعتادة لـ الشاحنات

وعليكم السلام والرحمة
شكراً على تواجدك

لكل بلد عاداته