منتديات با?ستان
أهلاً بك معنا
كنت عضو فتفضل بتسجيل دخولك
إن كنت غير مسجل فتفضل بالتسجيل معنا
نتمنى لك أطب الأوقات معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات با?ستان
أهلاً بك معنا
كنت عضو فتفضل بتسجيل دخولك
إن كنت غير مسجل فتفضل بالتسجيل معنا
نتمنى لك أطب الأوقات معنا
منتديات با?ستان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سلسلة فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ: ذكرى فتح بلاد السند بقيادة الفاتح الشاب محمد بن القاسم 27-6-711م

اذهب الى الأسفل

سلسلة فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ: ذكرى فتح بلاد السند بقيادة الفاتح الشاب محمد بن القاسم 27-6-711م  Empty سلسلة فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ: ذكرى فتح بلاد السند بقيادة الفاتح الشاب محمد بن القاسم 27-6-711م

مُساهمة من طرف محب محمد بن القاسم الأربعاء أكتوبر 12, 2011 5:08 am


بسم الله الرحمن الرحيم
(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(الأنعام: من الآية90)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين من اعز الدين وخذل الكافرين والمرتدين, وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم أصحاب الهمة خير الأمة الثابتين على الدين أجمعين
أما بعد :
فيشرفنا في المكتب الإعلامي لجيش الفاتحين أن نبدأ بفتح صفحات التاريخ المشرفة المهملة والمنسية منذ مبعث النبي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام إلى وقتنا الحاضر, ونأخذ منه الدروس والعبر فان كانت مفرحة حمدنا الله عليها وسعينا إلى تقليدها ومحاكاتها والسعي على الثبات على مسيرة السلف رحمهم الله وان كانت غير ذلك أخذنا منها الأسباب التي جعلتها غير ذلك لنتجاوزها وتكون لنا نبراسا في ما تبقى من هذه الحياة الفانية.
ولكننا سنتخذ من التاريخ الميلادي أساسا لطي الصفحات وذلك لثبات التاريخ فيه لعدم اعتماده على القمر كما يعلم المسلم المطلع, وكذلك وللأسف الشديد فان اعتماد المسلمين اليوم على هذا التاريخ هو الطابع العام رغم وجود التاريخ الهجري من عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
و سنتدارس حلول ذكرى
فتح بلاد السند بقيادة الفاتح الشاب محمد بن القاسم27-6-711م
الكثير من الفتوحات والمعارك التي ترك أجدادنا ذكرها لنا, قادها شباب في أعمار الزهور, وكتب الله على ايديهم النصر والفتح والتمكين, وقد سطر شباب الأمة منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا دروسا في النزال والقتال ما لم تشهده امة من الأمم..بدأ من علي بن أبي طالب ومرورا بأسامة بن زيد وحتى أخر مجاهد في بلاد الإسلام..إن في تاريخ هذه الأمة من القدوات في شتى المجالات ما ليس في امة من أمم الأرض منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها, ومن ضمن هذه المجالات..الجهاد في سبيل الله وبذل الروح والنفس لإعلاء كلمة الله..فظهر في هذه الأمة من القادة والفاتحين ما لا يوجد في امة من الأمم.. ولن نستطيع أبدا حصر أسماء القادة والفاتحين في تاريخ الإسلام...واليوم نستذكر سوية فتحا جديدا في تاريخ الإسلام ونستذكر فاتحا جديدا ألا وهو ( فتح بلاد السند على يد محمد بن القاسم رحمه الله تعالى)..
كانت بلاد السند ( باكستان الآن) هدفا لحركة الفتح الإسلامي المباركة أيام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فلقد أرسل عامله على البحرين عثمان بن أبي العاص جيشا بقيادة أخيه الحكم إلى ساحل الهند عند مدينة ( تانة) وذلك سنة 15 هجرية, ثم إلى مدينة بروص ثم إلى خور الدبيل, وحقق خلالهما عدة انتصارات ولكن الخليفة خاف من مواصلة الغزو خوفا على المسلمين من بعد الديار, وكان ذلك أيضا رأي أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه, فلما تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة أرسل الحارثة بن مرة العبدي إلى السند فأغار على أطرافها وظفر منها وظل بها حتى استشهد في عهد معاوية رضي الله عنه عام 42 هجرية..
حدث تطور كبير في غزو السند في عهد معاوية بن أبي سفيان حيث أمر القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة بغزو السند ثم غزاها عبد الله بن سوار العبدي ثم سنان بن سلمة الهذلي, ففتح مكران ومصرها واسكنها العرب, وهذا أول جزء من غربي البنجاب يدخل في دولة الإسلام, وبعد ذلك فصل المسلمون بين بلاد الهند وبلا السند..
وفي عهد الوليد بن عبد الملك ازدهرت الدولة الإسلامية وقام بتوجيه القادة من دمشق لفتح البلاد في مختلف الاتجاهات, وكان من رجاله محمد بن القاسم الذي فتح بلا السند, وقتيبة بن مسلم الباهلي والي خراسان الذي فتح بلاد ما وراء النهر, وموسى بن نصير الذي انضم إلى طارق بن زياد في فتح غرب افريقية وفي فتح الأندلس, وبلغت الدولة الإسلامية في عهد الوليد أوج عزها حيث فتحت جيوشه بخارى وسمرقند وخوارزم, وفرغانة والهند وطنجة والأندلس..فامتدت حدود الدولة الإسلامية من المغرب الأقصى والأندلس غربا وحتى بلاد الهند وتركستان وأطراف الصين شرقا في وسط أسيا...
كانت الدولة الإسلامية حينئذ هي أقوى الدول في العالم, ويخطب ودها كافة الممالك المجاورة كالدولة البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية, وكممالك الهند والسند, والتي كان أعظم ملوكها وأقواها باسا هو الملك ( داهر بن صصة) والملك ( دوهر ) وكانت هناك ممالك الصين..
ولما تولى الحجاج بن يوسف الثقفي إمارة العراق, جعل من اولوياته فتح هذا الثغر العظيم ( بلاد السند), وخاصة بعد قتل عامله هناك ( محمد بن هارون النمري) في قتاله مع ملك السند داهر, وكذلك ما فعلته البوارج الهندية عندما استولت على سفينة كانت تحمل نساء مسلمات أرسلهن ملك جزيرة الياقوت إلى الحجاج, ولما وقعن بالأسر نادت امرأة من تلك النسوة: يا حجاج..وبلغ ذلك إلى الحجاج وقال: يا لبيك, فأرسل إلى داهر يسأله إطلاق اسر النسوة, فقال: أخذهن لصوص لا اقدر عليهم, فانف الحجاج وأخذته حمية وغيره, وأرسل إلى الخليفة الوليد يطلب فيها الإذن بغزو السند والهند, ولما صدرت الموافقة أرسل الحجاج عبد الله بن نبهان السلمي لفتح الدبيل فاستشهد, ثم أرسل بديل بن طهفة البجلي بثلاثة ألاف مجاهد فاستشهد, فحزن الحجاج حتى قال لمؤذنه: يا مؤذن اذكر اسم بديل كلما أقمت الأذان, لأتذكره واخذ بثأره..
وشعر الحجاج أن فتح هذا الثغر لن يتم إلا بجيش قوي على رأسه قائد شجاع لا يبالي بجيوش داهر الضخمة ولا يستوحش من بعد المسافة, وطول الطريق إلى السند, وبعد بحث وتقليب في قائمة القادة الإبطال, وقع الاختيار على القائد الشاب محمد بن القاسم, وهو ابن عم الحجاج, وكان وقتها في السابعة عشر من العمر, وكان ذلك سنة 89 هجرية حيث بدأت فصول المجد والبطولة في حياة هذا القائد الصغير..
عندما تولى محمد بن القاسم قيادة الحملة الجهادية المتجهة إلى بلاد السند اشترط على الحجاج عدة شروط تبرهن على مدى الكفاءة القيادية والقتالية له وهي:
1-أن يكون الجيش كامل التجهيز والإعداد والمؤن حتى لا تتوقف سيرة الفتح, فأمده الحجاج بجيش يقدر بستة ألاف مجاهد مجهزين بكل شيء حتى المسال والإبر والخيوط.
2-أن يرافق الجيش البري أسطول بحري ليكون الهجوم مزدوجا وفي اتجاهين ووافق الحجاج.
3-أن يواصل الجهاد والسير حتى ينتهي من فتح بلاد السند كلها, ووافق الحجاج..
كان لمحمد بن القاسم في رحلته للفتح المبارك هدفان الأقرب منهما الانتقام من داهر ملك السند الوثني الذي قتل المسلمين بأرضه وأخرهم محمد بن هارون النمري, والثأر لحرائر المسلمين, والأبعد هو فتح بلاد السند وما ورائها من بلاد الهند ونشر الإسلام في هذه الربوع الشاسعة..
تحرك محمد بن القاسم بجيشه القوي إلى مكران فأقام بها عدة أيام يستجمع قوته بعد سير طويل وذلك لفتح مدينة الدبيل أحصن مدن السند, وفي الطريق إليها فتح مدينة قنزبور أو فنزبول وارمانيل أو ارمائيل ثم واصل السير حتى نزل على مدينة الدبيل وهي تقع قريبا من كراتشي الحالية في باكستان وذلك يوم جمعة, ووافاه الأسطول بالات الحصار ومنها المنجنيق الكبير المشهور باسم ( العروس) وكان يلزمه 500 رجل لتشغيله, وضرب محمد بن القاسم حصارا شديدا على المدينة الحصينة, والتي فشلت ضدها حملات سابقة, واستمات الكفار الهندوس في الدفاع عن مدينتهم, وفكر محمد بن القاسم في فكرة عبقرية لفتح المدينة تعتمد في الأساس على خبرته بنفسية الأعداء وطبيعة تفكيرهم, فلقد كان في المدينة معبد ضخم لصنم معروف عندهم على قمته سارية خشبية طويلة جدا, في نهايتها راية حمراء كبيرة إذا هبت الرياح تحركت هذه الراية كأنها كالمروحة الدائرة, وهي مقدسة عندهم, فأمر محمد بن القاسم بتوجيه قذائف المنجنيق إلى هذه السارية حتى كسرها, وهو يعلم بتشاؤم الهندوس من ذلك, وبالفعل مع انهيار السارية انهارت معنويات الكفار واقتحم المسلمون المدينة وفتحوها بعد معركة طاحنة استمرت ثلاثة أيام, وفي تلك المدينة بنى محمد بن القاسم مسجدا, واستقدم أربعة ألاف من المسلمين واسكنهم في المدينة للتأكيد على إسلام هذه المدينة وطمس الهوية الوثنية عنها..
بعد فتح مدينة الدبيل أحصن مدن السند, واصل الفاتح الشاب سيره, فكان لا يمر على مدينة إلا فتحها الله له, وهدم معابد الوثنية والبوذية بها, وأقام شعائر الإسلام واسكنها المسلمون وبنى المساجد حتى غير خريطة البلاد تماما وصبغها بصبغة إسلامية تامة... ولا زالت آثار مساجد ابن القاسم تبكي بانيها في تلك المناطق.
سارعت باقي مدن بلاد السند يطلبون الصلح فصالحهم محمد بن القاسم, وكان لفتح الدبيل أثرا في أهل النيرون وهم- أهل حيدر أباد السند حاليا- فتلقاه أهلها وصالحوه كذلك...وعبر مياه السند في ستة أيام, ثم سار إلى حصن ( سيوستان) المدينة المحصنة المرتفعة, فهرب حاكمها وفتحت المدينة أبوابها, ثم سار الفاتح الفتى نحو حصن ( سيويس) وفتحه, ثم عاد إلى نيرون, واتخذ قراره بعبور نهر مهران للقاء داهر ملك السند, وبعد عبور الجيش سار ابن القاسم إلى منطقة ( جيور) ونزل بجيشه على مقربة من نهر ددهاواه...
استطاع الفتى القائد أن يبهر الهندوس بشخصيته القوية الحازمة, وقد تعجبوا من شجاعته وحسن قيادته لجيش كبير وهو دون الثامنة عشر, وبالفعل اسلم عدد كبير من الزط وهم بدو الهنود وانضم منهم أربعة ألاف رجل يقاتلون مع المسلمين, وكان لهم اثر كبير في القتال لخبرتهم بالبلاد ومعرفتهم للغة الهنود..
كانت الأخبار قد وصلت إلى ملك الهند داهر, فاستعد للقاء المسلمين بجيوش كبيرة مع سلاح المدرعات الشهير وهم الفيلة فقد بلغ تعدادها ستون فيلا, وقد داخله الكبر والعجب لضخامة جيوشه واستخف بالمسلمين لقلتهم, وكان هذا في نهاية العام 91 هجرية, ولكنه فوجئ بالإعصار الإسلامي يعبر نهر مهران الفاصل بينه وبين المسلمين, ويجد داهر الذي كان على ظهر فيل كبير نفسه وجها لوجه مع محمد بن القاسم وجنوده, ويقتتل الفريقان قتالا مهولا استمر سبعة أيام لم تشهد مثله ارض السند من قبل ويرى داهر جنوده صرعى من حوله تتخطفهم سيوف المسلمين, فنزل من على ظهر فيله المنيع ويقاتل بنفسه حتى يأتيه قدره المحتوم ويقتله المسلمون وينشد قاتله هذه الأبيات:
الخيل تشهد يوم داهر والقنا ومحمد بن القاسم بن محمد
إني فرجت الجمع غير معرد حتى علوت عظيمهم بمهند
فتركته تحت العجاج مجندلا متعفر الخدين غير موسد
وبمقتل داهر أدرك المسلمون ثأرهم وانفتحت أمامهم بلاد السند على مصراعيها وكان ذلك في السادس من رمضان للعام 92 هجرية...
ولما سمعت زوجة داهر بموت زوجها قامت بحرق نفسها هي وجواريها, ووقعت بنت داهر ( صيتا ) في الأسر..وبعد ذلك واصل محمد بن القاسم سيره ليحقق الهدف الأكبر والأبعد, بعد أن انتقم من عدو الإسلام داهر ففتح راور ثم راهماناباذ ثم استسلم إقليم ساوندري وأعلنوا إسلامهم ثم سمند ثم توغل الفاتح الشاب إلى مدينة الملتان إذ كانت معقل البوذية بالسند, فامتنعت عليه شهورا وقاتله أهلها, فانهزموا, وكان بتلك المدينة معبدا من اكبر معابد الهنود في المنطقة, وكانت تهدى إليه الأموال وتنذر له النذور ويحجون إليه وكان به صنم كبير يزعم الهندوس انه أيوب نبي الله, وكان الهنود يطوفون به ويحلقون رؤوسهم ولحاهم عنده, وكان في هذا المعبد قناطير مقنطرة من الذهب والفضة, ثم جاء رجل من أهل المدينة مستأمن فدل محمد بن القاسم على مكان الماء الذي يشرب منه أهل الملتان فقطع الماء عنهم, فاشتد عليهم الأمر حتى نزلوا على حكمه, فقتل محمد المقاتلة وسبى الذرية, ثم سبى سدنة المعبد وهم ستة ألاف, وأصاب المسلمون مالا كثيرا جمعه في بيت طوله عشرة اذرع وعرضه ثمانية اذرع يلقى إليه من كوة في وسطه, وقد سميت ملتان بمعنى أنها فرج بيت الذهب, لقد كان الاستيلاء على هذه المدينة أهمية كبيرة للمسلمين, نظرا لأهميتها الكبيرة عند الهنود من الناحية الدينية, ولأهميتها في تمويل الفتوحات الإسلامية شرقا وغربا, وكان سقوطها إيذان باكتمال سقوط بلاد السند...وغنم منها أموالا طائلة حملت كلها إلى الحجاج وقدرت بمائة وعشرين مليون درهم, ومع الغنائم كان راس الطاغية داهر, وكانت حملة السند قد كلفت ستين مليون درهم, فقال الحجاج لما وصلته الغنائم: ( شفينا غيظنا وأدركنا ثأرنا وازددنا ستين ألف ألف درهم وراس داهر )..
بعد أن نجح محمد بن القاسم في القضاء على ملك السند الكبير داهر برز ملك أخر كان بمثابة الذراع اليمنى لداهر واسمه دوهر وكان ملكا على إقليم الكيرج وهي أقصى بلاد السند على حدود بلاد الهند, فاستعد دوهر للقاء المسلمين وغره الشيطان بأنه سيحقق ما لم يحققه داهر واصطدم مع المسلمين فنزل به من حر سيوفهم ما لم يطق فحاول الفرار, ولكن أدركته سيوف المسلمين فقتل وقال فيه قاتله:
نحن قتلنا داهرا ودوهر والخيل تروى منسرا فمنسرا
في هذه الفترة وصلت أخبار موت الحجاج إلى بلاد السند, ولكن هذا لم يرد عزم محمد بن القاسم عن مواصلة الفتح حيث أصبح الطريق مفتوحا إلى بلاد الهند وبالفعل بدأ المسلمون في فتح مدن الهند فبدا بمدينة سرست فدخل أهلها في طاعة المسلمين وكانوا بحارة مهرة استفاد منهم المسلمون, وبدا للجميع أن محمد بن القاسم لن يرجع حتى يفتح بلاد الهند أيضا ولكن حدث تطور مأساوي سريع في حياة محمد بن القاسم..
ونجد أنفسنا ملزمين لذكر مأساة هذا الفاتح العظيم لتكون درسا لمن بعده ممن يتعرضون لما تعرض له من محن وفتن..
بدأت فصول المأساة والمحنة العظيمة التي تعرض لها بطلنا العظيم الصغير, عندما توفي الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 96 هجرية, وتولى مكانه أخوه سليمان بن عبد الملك وكان سليمان شديد الكره للحجاج بسبب جرائم الحجاج وسفكه لدماء الكثيرين لأقل شبهة, كما كان عمر بن عبد العزيز يحرض على عزل الحجاج, فلما تولى سليمان الخلافة كان الحجاج قد مات, فقام بعزل كل رجال الحجاج من مناصبهم ومنهم بالقطع محمد بن القاسم أمير السند وفاتحها, وعين مكانه يزيد بن أبي كبشة السكسكي..
ولما وصل نبأ العزل لمحمد بن القاسم حاول البعض اقناعه بالعصيان والانفراد بهذه البلاد البعيدة عن مركز الخلافة, خاصة وان جنوده يحبونه وكذلك من اسلم من أهل السند والهند, ولكن سبق ثار في هذه البلاد ثائران من العرب هما محمد ومعاوية ابنا الحارث العلافي, ولكن وجود داهر حال دون انفرادهما بهذه البلاد, أما فاتحنا الصغير فكانت الفرصة مفتوحة أمامه للانفراد, وخاصة انه مظلوم ولا ذنب له إلا انه ابن أخ الحجاج الظالم.. ولكن محمد بن القاسم كان من الطراز النادر للقادة الذين يعملون لخدمة الإسلام ولا يريدون من الدنيا شيئا فلا مناصب تهمه ولا دنيا تغريه, وخاف من عاقبة الخروج على الخلافة وما سيؤدي إلى تفرق الأمة وتمزق المسلمين وسفك الدماء بين المسلمين في فتنة الخروج, ووافق على قرار العزل مع قدرته على المقاومة والانفراد وانشد يقول:
ولو كنت أجمعت الفرار لوطئت إناث أعدت للوغى وذكور
وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ولا كان من عك علي أمير
وبعزله توقفت سيرة فتح الهند ولكن المصائب لم تتوقف...فقد اتهم الفاتح العظيم بتهم وفرية كبيرة, فقد اتهمته صيتا ابنة داهر التي وقعت بالأسر والتي صارت مملوكة بعد أن كانت ملكة, فامتلأ قلبها غيظا وحنقا على البطل الشاب, اتهمته بأنه اغتصبها بالقوة بعد أسرها, وقدمت شكوى عليه عند والي السند الجديد يزيد بن أبي كبشة..فاستغل الوالي الجديد هذه التهمة للنيل من خصمه, فأمر باعتقال الفاتح..
كان سليمان قد ولى العراق صالح بن عبد الرحمن, ومعروف عن صالح حقده على الحجاج وأقاربه بسبب مقتل أخيه ادم على يد الحجاج, فقرر والي السند إرسال محمد إليه للتحقيق, واخرج الفاتح الفتى مقيدا بالأغلال إلى العراق فانشد قائلا بيته المشهور الذي صار بعد ذلك مثلا سائرا ويعبر عن صدق وإخلاص محمد بن القاسم ومدى حزنه على توقيفه عن الجهاد في سبيل الله فقال:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر
كان مشهد بطل بلاد السند مكبلا بالأغلال شديد الأثر على أهل السند, فلقد اصطفوا لوداعه وهم يبكون على فراقه وما صار إليه, وقد شاءت إرادة الله أن ينتقم لاولياءه من ظالميهم فقد مات يزيد بن أبي كبشة بعد اعتقال محمد بن القاسم بسبعة عشر يوما..
ولما سمع كفار السند باعتقال محمد بن القاسم تنفسوا الصعداء وفرحوا فرحا شديدا وخلعوا الطاعة وعاد المنافقون للكفر, وهموا بإخراج المسلمين, كل ذلك لان الساحة قد غاب عنها أسدها وأشدها..
وفي العراق قام صالح بسجن محمد في سجن واسط الذي طالما زج فيه الحجاج خصومه لأدنى شبهة وتم تعذيب الفاتح العظيم بنفس آلات التعذيب التي استخدمها عمه, وكانوا يطالبون الأسد الأسير بالاعتراف بهذه الجناية الشنيعة التي افترتها تلك الوثنية عليه, ولكنه صمد ويقسم انه بريء وأصر على ذلك, واخذ ينشد أشعارا مؤثرة فيها:
فلئن ثويت بواسط وبأرضها رهن الحديد مكبلا مغلولا
فلرب قنية فارس قد رعتها ولرب قرن قد تركت قتيلا
توفي فاتح بلاد السند مظلوما في سجن واسط, ولا ذنب له سوى فتوحاته العظيمة وقهره لملوك الكفر, وهذا الأسد الفتى الذي عجزت أن تنال منه ملوك الكفر, يموت مسجونا مظلوما, وباستشهاده انطفأت شمعة لو قدر لها البقاء لصارت شمسا محرقة لأعداء الإسلام, ولفتح المسلمون الهند التي تأخر فتحها بعد ذلك بعدة قرون..
رحم الله فاتح بلاد السند وعوض شبابه الغض الطري بالفردوس الأعلى, ولقد نال تعالى من ابنة داهر والتي حزنت لمقتل محمد بن القاسم وبكت كثيرا, فذهبت لوالي العراق واعترفت بجريمتها, ولما علم الخليفة بهذا الأمر, حزن حزنا شديدا وأمر بقتلها جزاءا وفاقا وقصاصا بهذا البطل العظيم..
أما الذين عذبوه, فقد ماتوا وهم أحياء, ولا نزال حتى اليوم نذكر محمد بن القاسم بالفخر والاعتزاز ونسمي كتائبنا وجيوشنا به, ونذكر الذين عذبوه بالخزي والاشمئزاز, لقد عذب أولئك النفر أنفسهم حين عذبوه, وقتلوا أنفسهم حين قتلوه, وقد غيبوا بظلمهم الأسود جسده, ولكنهم اظهروا روحه ورفعوها إلى السماء, على حين اظهروا أجسادهم لمدة قصيرة وغيبوا أرواحهم في الظلمات..
نعم..بلاد السند التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن ثوبان مرفوعا ( عصابتان من أمتي اجارهما الله من النار, عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى بن مريم) صححه الألباني...ونحن نرجو بهذا الحديث أن يكون فاتح بلاد السند وجيشه داخلا فيه, ونسال الله لهم الفردوس الأعلى وان يلحقنا بهم على أحسن حال..
كيف لا..واليوم في باكستان وحدها أكثر من سبعة ملايين حافظ للقران..
كيف لا..واليوم في باكستان رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا..يثخنون بأعداء الله إثخانا تعيد لنا أمجاد فتوحات ابن القاسم..
كيف لا..وملايين المسلمين اليوم ينتشرون في الهند وباكستان, وكلهم في حسنات ابن القاسم وجيشه..
ومع هذا وذاك فقد كان فتح بلاد السند هو استغاثة لنداء مسلمة, حين كانت استغاثات النساء في زمان العزة تكفي لان يتحرك من اجلهن الجيش العرمرم, كانت استغاثة المراة هي التي حركت جيوش المسلمين للهند, وكانت استغاثة المراة الهاشمية في زمان المعتصم هي التي حركت 920000 جندي لفتح عمورية أقدس بقاع النصارى, وكانت صرخة ثلاث نسوة مأسورات بالكنيسة هي التي حركة المنصور بن أبي عامر بالأندلس إلى جنوب فرنسا واقسم انه لن يرجع من ارض النصارى حتى يكتسح الكنيسة؟..
واليوم تأتي صرخات حرائر من داخل بلاد الإسلام..لا بل قد تأتي من جارك أو مدينتك أو قريتك..ولا احد يحرك ساكنا..ولكن صدق الشاعر حين قال:
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
نعم...نسأله تعالى أن يغفر لنا وان يرحمنا وان لا يسألنا عن حرائر المسلمين, وعن أعراضهم التي انتهكت ودمائهم التي سفكت..وان يكتب لنا نصرا مؤزرا وفتحا قريبا..ننجد به المظلوم..ونزيل كربة وغربة الأسير..وان يمنحنا القوة لذلك وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

الهيئة الإعلامية
جيش الفاتحين



محب محمد بن القاسم
عضو نشيط
عضو نشيط

ذكر عدد الرسائل : 236
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 09/10/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى