ارحموا عزيز قوم ذل

ربما من الصعب أن تنطبق هذه المقولة على العقيد الراحل معمر القذافي، ليس لأنه لم يُذل أو لأنه يستحق أو لا يستحق الرحمة، ولكن لأنه لم يكن عزيزاً على قلوب معظم الليبيين. ولكن هذا في المقابل لا يعطي أياً كان قاصراً أو عاقلاً الحق في إذلال عزيز أو غيره بالطريقة الهمجية التي تم بها التعامل مع القذافي حياً كان وميتاً. فالرحمة والكرامة مطلوبتان في كل وقت، ألم تكن هي التي دفع من أجلها أبناء ليبيا دماءهم؟! ألم ينتفضوا على القذافي لأنه تجبّر عليهم وظلمهم وسلبهم، ليس فقط أموالهم وإنما كرامتهم وأحلامهم أيضاً؟!

إن الرسالة السامية التي نادى بها الثوار، ممثلين بمجلسهم الانتقالي، والتي بشّرت بالقضاء على التجبر لا يمكن لها أن تتسم بالمصداقية إذا ما بدأت مشوارها بما وُصف، بحسب منظمة العفو الدولية (أمنستي)، بجريمة حرب بحال تأكد مقتل القذافي بصورة متعمدة بعد أسره. إذا صح ذلك فما الفرق إذا بين ظلم القذافي وظلم المجلس؟

هلّل الناس لسقوط القذافي بسبب أعماله فهل يكمل الثوار مسيرته أم أننا بصدد بناء دولة مدنية متحضرة؟ إذا أردنا أن نأخذ الأمر على أنه انتقام فما قام به الثوار قليل بعد الجرم الذي ارتكبه القذافي بحق شعبه. فلقد حرموا كل أم أن تنهش لحمه نياً وهو على قيد الحياة انتقاماً لابنها الذي قتل أو عذب او اختفى، أو ابنتها التي اغتصبت، أو زوجها الذي سُلبت رجولته.

إذا كانت الغاية هي الانتقام فقد رحموا القذافي وحموه من تعذيب بطيء يتمنى أي ليبي عانى من نظامه أن ينال شرف تطبيقه، ولكن بهذا يكون الثوار قد اقتدوا بقانون الغاب الذي كان القذافي يحكم به. وخرجوا عن كل مبادئ ثورتهم.. وهذا ما نخشاه. إن الثورة ليست بالبطش بمن سبق، وإنما تحسب الثورة بالبناء لما هو قادم.

على المجلس الانتقالي البدء فوراً بإجراء تحقيق حول مقتل العقيد القذافي ومحاسبة كل من خرج عن القانون والأعراف، وإطلاع العالم بكل شفافية على تفاصيل ما حدث، والخروج برواية واحدة مؤكدة ومقرونة بدلائل حول ما جرى. حتى يكون الإعلان عن تحرير ليبيا بعد مقتل القذافي إعلاناً حيقيقياً، وإلا فإن غياب العدالة والشفافية سيعني أن القذافي لازال بيننا، ولكن كما عوّدنا دائماً بزيّ جديد، فبئس المصير.
ميسون عزام

ربما محاكمته كانت ستكشف الكثير من الفضائح التي أرادوا إخفاءها للأبد!!
لكن مازال هناك امل
سيف القذافي!