فسيفساء الجماعات والأحزاب في باكستان

تمتاز باكستان بأنها بلد تنتشر فيه العديد من الجماعات الإسلامية والمحسوبة على الاسلام ، وكذلك أحزاب سياسية لا تحصى ، فالبلد في جانبها السياسي تمثل فسيفساء سياسية بكل معنى الكلمة ومدلولاتها.
في الجانب الاسلامي السياسي هناك أربع تيارات اسلامية ، تشرذمت الى عشرات الجماعات السياسية:
المدرسة الديوبندية :
وتمثل الفكر الحنفي المتأخر عقيدة وفقها. إنشقت هذ المدرسة سياسيا الى جمعية علماء الاسلام مجموعة فضل الرحمن، وجمعية علماء الاسلام مجموعة سميع الحق. كما بزرت بعض التيارات السياسية المحسوبة على هذه المدرسة التي وقفت ضد تعاظم النفوذ الشيعي بعد ثورة الخميني، مثل جماعة جند الصحابة ( سباه صحابة) منذ ثمانينات القرن الماضي، وجرت إغتيالات دامية بين جند الصحابة والشيعة طالت الكثير من قادة الفرقتين.
المدرسة البريلوية :
البريلوية فرقة صوفية أسسها أحمد رضا خان بن تقي على خان الذي عرف بالبريلوي أيام الاستعمار البريطاني، ولــــــد في بلدة بريــلي بولاية أترابرديش الهندية عام 1272 وتتلمذ على الميرزا غلام قادر بيك الشقيق الأكبر للميرزا غلام أحمد القادياني. وقد غالى أفرادها في محبة وتقديس الأنبياء والأولياء بعامة ، والنبي صلى الله عليه وسلم بخاصـــة ، وأضفوا عليهم صفات تعلو بهم عن خصائص البشر. والجماعة قائمة على دعوى حب الرسول صلى الله عليه وسلم والتوسل به، والمبالغة في إطرائه حتى فيما نهى هو عليه الصلاة والسلام عنه. وتعرف كثير من تصرفاتهم الشرعية في هذا المجال بأنها شرك وفق التحقيق الصحيح للتوحيد. هذه المدرسة إنشقت سياسيا الى جمعية علماء باكستان وجماعة منهاج القرآن، والتحريك السني، وجماعة الدعوة الاسلامية ( موضوع المقال).
مدرسة أهل الحديث :
وهم من يأخذ بظاهر الحديث اذا صح عندهم بغض النظر عن تأويل الفقهاء له . وقد انقسمت هذه المدرسة الى عدة جمعيات وجماعات أشهرها جمعية أهل الحديث المركزية، وجماعة الدعوة التي يرأسها الشيخ حافظ سعيد، وجمعية غرباء أهل الحديث ، ومجموعات صغيرة باسماء كلها متعلقة بمفهوم مدرسة أهل الحديث.
الجماعة الاسلامية :
معروفة مدرسة الجماعة الاسلامية، وهي دعوية حركية إسلامية أكثر منها فقية عقدية، فهي قد تضم بين اعضائها افرادا من مدرسة أهل الحديث وحتى من المدرسة البريلوية، لأنها جماعة سياسية بالدرجة الأولى، تعمل ضمن دوائر مدارس الاسلاميين المنتشرة في البلد. لقد إنشقت الجماعة الاسلامية الى بعض الانشقاقات وأشهرها إنشقاق الدكتور إسرار أحمد وتشكيله جماعة سميت باسم التنظيم الاسلامي، أما بقية الإنشقاقات فقد كانت من قبل أفراد حالت الكارزما التي يتمتع بها الاستاذ المودودي يرحمه الله وفكره دون انتشار أفكارهم، فماتت دعواتهم في المهد قبل أن ترى النور.
الجماعات والأحزاب السياسية : أغلب هذه الأحزاب علمانية، غير أنها لا تملك إعلان علمانيتها بسبب خوفها من فقدان قواعدها الجماهيرية. ولقد إنشقت هذه الأحزاب على نفسها عدة انشقاقات يمكن وصفها في الحالة الحالية بالتالي:
حزب الرابطة الاسلامية ( مسلم ليك ):
الذي أسسه محمد علي جناج قبل استقلال باكستان وناضل من خلاله حتى أصبح باكستان دولة معترف بها. لقد إنشق هذا الحزب عدة مرات على نفسه: حزب الرابطة مجموعة نواز شريف، حزب الرابطة مجموعة قائد أعظم ، حزب الرابطة مجموعة بير بكارا، حزب الرابطة مجموعة شيخ رشيد، وربما هناك مجموعات أخرى بعيدة عن عين الصحافة والاعلام وأوراق الباحثين لصغرها ولعدم أهميتها السياسية.
حزب الشعب الباكستاني:
هو الحزب الذي أسسه ذو الفقار علي بوتو ونادي من أيامه الأولى بما يسمى الاشتراكية الاجتماعية ورفع شعار البيت والمأكل والملبس، بأنه حق لكل باكستاني ويجب الحصول عليه، ولكن الحزب انتكس إنتكاسة كبيرة في تسلط علي بوتو نفسه وتأسيس سلطته بشكل دكتاتوري، ثم جاءت الانتكاسة الثانية على يد زرداري عندما أصبح الحزب ملجأ السراق والمترتشين والمفسدين. وقد إنشق الحزب وتشكل حزب شعب آخر مجموعة شيرباو، الذي كان يرأس الحزب في ولاية بختون خوا حيث انشق عن الحزب والتحق بالدكتاتور مشرف.
حزب الإنصاف :
أسسه بطل الكركت السابق عمران خان، حزب يدعو الى محاربة الفساد والخلاص من النفوذ الأمريكي والبنك الدولي، ويعتبر حزب الأنصاف حزبا وطنيا علمانيا.
حركة المهاجرين القومية ايم كيو ايم : حركة تهتم بحقوق المهاجرين الذين هاجروا من الهند الى باكستان منذ تأسيسه واستقر أغلبهم في كراجي حيث لم يكن لهم أراض زراعية لكي يستقروا فيها ويصلحوها بالزراعة. أسسها ألطاف حسين أيام حكم الرئيس ضياء الحق. يعيش ألطاف اليوم في لندن كلاجئ سياسي لوجود عدة قضايا جنائية ضده في المحاكم الباكستانية. كما أن الحركة إنشق على نفسها وتأسست حركة أخرى تسمى حركة المهاجرين الحقيقية. وتعزى مشاكل القتل السياسي في كراجي الى مشاركة حركة ايم كيو ايم في القتال الدائر بين الأحزاب الثلاثة الرئيسية في كراجي وهي ايم كيو ايم وحزب الشعب الباكستاني وحزب البختون القومي. جذير بالذكر أن حركة المهاجرين القومية والحزب البختوني القومي مشاركان في الحكومة الفدرالية التي يرأسها حزب الشعب.
الحزب البختوني القومي:
حزب قومي بختوني أسسه عبد الغفار خان قبل تأسيس باكستان، وكان الحزب من أشد المعارضين لفكرة الانفصال عن الهند وتأسيس باكستان، يرأس الحزب الآن الحكومة المحلية في مقاطعة خيبربختون خوا.
هناك بعض الأحزاب القومية التي تعمل على الحصول على حقوق إقليم بلوجستان باعتباره مقاطعة منسية ومهضومة الحقوق، وأغلبها أحزاب قومية بلوجية أشهرها الحزب الجمهوري القومي. جذير بالذكر أن في بلوجستان عدة حركات إنفصالية تطالب باستقلال بلوجستان عن باكستان، بعضها يحمل السلاح ويقوم بعمليات قتل ضد الجيش والشخصيات الحكومية وضد كل من هو بنجابي بدعوى أن الجيش الباكستان يحتل بلوجستان وأن قوام الجيش وضباطه من البنجابيين.
جماعة الدعوة الاسلامية ( النسخة البريلوية من جماعة التبليغ ):

في 4 جنوري 2011 قام ممتاز القادري ، الحارس الخاص لحاكم البنجاب سلمان تيسير بقتل حاكم البنجاب سلمان تيسير بسلاحه الرسمي الذي كان يحمي به محروسه، لأن حاكم البنجاب وقف ضد قانون (تحفظ ناموس الرسالة)، وهو قانون يعاقب من يسب النبي صلية الله عليه وسلم بالموت، ونادى وبقوة بضرورة تغييره أو تعديله. التحقيقات الأولية أثبتت أن ممتاز كان متأثرا بفكر وعقائد جماعة الدعوة الاسلامية، وأنه انتسب الى ( قادري ) ولم يكن ذلك نسبا أو اسما لعائلته، إنما هو اسم فكري أضافه الى اسمه لكي يظهر الولاء والاخلاص لزعيم الجماعة محمد إلياس عطار القادري. كما أن فريق التحقيقات وجد بعض كتب الجماعة في غرفة سكنه في راولبندي، ومنها كتاب حلقات التربية وكتاب الدعاء المسنون. ولمعرفة أصول وفكر هذه الجماعة التي كان ينتمي اليها ممتاز قادري ألقي شيئا من الضوء على جماعته. جماعة الدعوة هذه تعتبر منظمة دعوية، غير سياسية ، تبلغ القرآن والسنة وحب الرسول صلى الله عليه وسلم كدعامة أساسية للجماعة حسب فهم وفكر وعقيدة المدرسة البريلوية، التي تسمى هنا خطأ بأهل السنة والجماعة. أتباع الجماعة هذه يمتازون بأنهم يعتمون بالعمائم الخضراء ، ويعرفون بأنهم ببغاوات المدينة المنورة بين المجتمع الباكستاني. وللجماعة تلفزيون يبث 24 ساعة في اليوم، يبث الأناشيد والمدائح النبوية والقرآن ومحاضرات أمير الجماعة محمد إلياس عطار قادري وغيره من محاضرات علماء الجماعة. تأسست الجماعة في عام 1981 باسم ( دعوت اسلامي ) أي الدعوة الاسلامية في كراجي كإنقسام وانشقاق من جماعة أهل السنة والجماعة ( البريلوية ) القسم الديني لجمعية علماء باكستان، التي كان يرأسها الشيخ أحمد نوراني. الأمير الحالي للجماعة محمد إلياس عطار قادري الذي كان أمير مقاطعة البنجاب في تنظيم الطلبة التابع لجماعة نوراني ( جمعية طلبة الاسلام ) الجناح الشبابي لجمعية علماء باكستان. الجماعة مثلها مثل جماعة التبليغ حاولت جذب أبطال الرياضة وانظمامهم للجماعة، لكي تضفي عليها طابع من النجومية، وحب التفوق التي يمتاز به الرياضيون؛ فقد كسبت أبطال فريق الهوكي القومي الباكستاني في عام 2005 حيث بايعوا أمير الجماعة هم ومدرب الفريق أيضا. وبيعة الإمام – حسب فكر الجماعة – ممكن أن تؤخذ بالحضور والمصافحة أو بالتلفون أو برسالة مرسلة للأمير وحتى بالتلفزيون، والجماعة تبذل جهدا استثنائيا لكسب الشباب وإغرائهم بالانظمام لها، وفلسفة الجماعة في ذلك هو إبعاد الشباب عن خوارم العفة ومفاسد الحياة وفتنها. وعلى طريقة وأسلوب جماعة التبليغ إستطاعت الجماعة الانتشار في كثير من الدول. وتعرف مقرات الجماعة في باكستان باسم ( فيضان المدينة ) أي بركة المدينة المنورة، والمقصود هو أن النبي صلى الله عليه وسلم يبارك ببركته هذا المكان. والغالبية العظمى لأتباع الجماعة هم من الطبقة الفقيرة وفقراء الطبقة الوسطى. جماعة الدعوة تعمل في ما يقرب من 41 حقلا من حقول الدعوة وأهمها: قافلة المدينة، وهي قوافل تجول القرى والمدن لتبليغ الدعوة. وللجماعة ما يقرب من 75000 طالبا وطالبة يتلقون دورات تعليمية في أكثر من 600 مدرسة دينية من مدارس الجماعة. وللجماعة إضافة الى التلفزيون دور نشر تنشر أعدادا كبيرة من الكتب كل عام. وفق تقديرات من داخل الجماعة تقدر الميزانية السنوية للجماعة بما يتجاوز 250 مليون روبية، أي ما يساوي 3 مليون دولار تقريبا. وتعتبر كراجي هي أكبر مصدر لتمويل نشاطات الجماعة، إذ تقدر مصادر من داخل الجماعة أن حجم التمويل السنوي من كراجي يصل الى 50 مليون روبية باكستانية، تجمع من أموال الزكوات وزكاة الفطر وجلود الأضاحي وتبرعات رجال الأعمال.
تعتبر جماعة الدعوة هذه من الجماعات التي تلزم أتباعها بنمط معين في حياتهم الأجتماعية، فهي تعلم وتدرب أتباعها على 14 من الأصول التي يجب أن يتلزموا بها ومن بينها اللباس الموحد، لكنها لم تسجل عليها حوادث تدل على أنها تنتهج العنف أو التدريب على السلاح، ولذلك تعتبر العملية التي قام بها ممتاز سابقة لم يقم بها أحد من أفراد هذه الجماعة، رغم أنها لقيت ترحيبا وقبولا شعبيا من طبقات واسعة شعبية وسياسية من الشعب الباكستاني. وقد أعقب حادث القتل مظاهرات سيرتها الأحزاب الاسلامية تنديدا بمحاولات الحكومة ورموزها العلمانيين لتغيير أو تعديل قانون حرمة الرسالة؛ مما أعطى للعملية شيئا من القبول الشعبي والمصداقية، بإعتبار أن القانون أجمعت عليه الأمة، وأن الذين يحاولون تغييره إنما يتحركون وفق أجندة غربية أمريكية. وكان السيد نواز شريف قد أشارأن بعض رؤوس حزب الشعب حاول أن يتهمه وحزبه بتدبير قتل سلمان تيسير، ولكن رئيس الوزراء يوسف رضى كيلاني حال دون خطتهم.

نواف العباسي
1/2/2011

حياك الله اخي حفيد ما شاء الله لم تكن لدي معرفة ببعض المدارس الحمد لله انك اخبرتنا بها