4 تجـارب تقدمــهـا باكستــان إلـى مصر
صفحة 1 من اصل 1
4 تجـارب تقدمــهـا باكستــان إلـى مصر
عندما أجبر الرئيس المصري السابق حسني مبارك على التنحي من منصب رئاسة مصر في فبراير الماضي، تساءل معلقون عما اذا كانت باكستان، وهي دولة مسلمة غير مستقرة خارج منطقة الشرق الأوسط، يمكن ان تنحو منحى مصر، أي ان تجرب ما اعتقد في حينه بأنه تغير ثوري، ولكن كان من المفروض ان يكون التساؤل حول ماذا كانت مصر ستواجه القدر الباكستاني نفسه:
أي ديمقراطية برلمانية بحكومة منتخبة بصورة حرة، لكن تحت سيطرة الجيش الذي يمتلك سلطات دستورية استثنائية.
ويظل التساؤل مشروعاً في ايامنا، كما كان في الشتاء الماضي، اذ تسير مصر على خطى باكستان حيث الفساد في النظام السياسي، وعلى الرغم من التغير في الحكومة، وتنحي مبارك، إلا أن النظام السياسي يعيش تحت عباءة المجلس العسكري، ويمكن أن يتعلم انصار الديمقراطية في مصر من حالات النجاح والفشل التي عاشها نظراؤهم الباكستانيون، وفي ما يلي أربعة تجارب من باكستان:
ينبغي عدم السماح للعسكريين بالحكم على طريقة «فرق تسد» للمدنيين:
عمدت الأحزاب المتناحرة في باكستان الى إصدار تعديل دستوري من شأنه تقليل سلطات رئيس الجمهورية، وسيطرة اقليم البنجاب، لكن انهيار التحالف بين حزب الشعب الباكستاني، وحزب الرابطة الإسلامية أدى إلى حدوث أزمة سياسية تعين على الجيش ان يتدخل لحلها، ومنذ ذلك الوقت لم ينسحب الجيش إلى ثكناته تماماً.
ولتجنب المصير ذاته يتعين على الأحزاب السياسية المصرية التعاون مع بعضها، بحيث لا تترك فراغاً يتدخل من خلاله الجيش، وكان الجنرالات قد اشاروا الى انهم يريدون التأثير في تشكيل اللجنة التي ستضع مسودة الدستور الجديد، وعلى الرغم من انهم تراجعوا عن ذلك، الا أن الجيش يمكن ان يحاول التدخل مرة ثانية في عملية وضع مسودة الدستور عن طريق استغلال مخاوف الاقباط المسيحيين من سيطرة الإسلاميين، وبناء عليه يتعين على حزب الإخوان المسلمين المتحالف مع السلفيين (يملكان نحو 60٪ من الاصوات) ضمان أن عملية وضع مسودة الدستور لن تخضع لحكم الاغلبية، الأمر الذي يستبعد غير الاسلاميين عنها، وبالتالي فإنهم يضمنون بقـاء الجيـش بعيـداً عن العمليـة السياسيـة.
ومن المعروف أن هناك مصالح ومنافسة بين الاحزاب السياسية المصرية الرئيسة، لكن هذه الخلافات يجب الا تمنعها من ضمان قيام ممثلي الشعب المنتخبين بوضع مسودة الدستور وليس الجيش.
تقوية سلطة البرلمان وتطوير قدرته وكفاءته:
على الرغم من أن السياسيين الباكستانيين هم الذين يعبرون عن سيادة البرلمان، إلا أن جمعيته الوطنية غير الفعالة تتميز بمعدل حضور ضعيف، كما أن اللجان المنبثقة عنها غير مشكلة من شخصيات مناسبة، ونجم عن ذلك حدوث فراغ في باكستان قامت بملئه المحكمة العليا القوية، ووسائل الإعلام المحسوبة على القوى السياسية، إضافة إلى الجيش.
ويتعين على الديمقراطيين المصريين تجنب المصير الباكستاني عن طريق ليس منح البرلمان السلطات التشريعية الحقيقية فحسب، وإنما تطوير قدراته وكفاءة أعضائه.
وبعد انتخابات عام 2005 في مصر عمل الإخوان على تعزيز الجدل بشأن ميزانية الدولة وزيادة كفاءات أعضاء البرلمان، عبر «مطبخه البرلماني»، لكن هذه الجهود يجب توسيعها كي تتضمن برامج التعليم الرسمي بالنسبة للمشرعين في سياسة اصدار القوانين والاستراتيجيات التشريعية.
خفض سلطات الجيش بصورة انتقائية:
من المعروف في باكستان أن رئيس الحكومة، ورئيس الجمهورية، وقائد الجيش يطلق عليهم «الثلاثي»، الذين يلتقون بصورة غير رسمية لتحديد السياسة الخارجية والأمنية، وعادة ما يسيطر قائد الجيش على هذا الثلاثي، ويسهم في استمرارية الاستقرار السياسي في الدولة، لكن هذا السلوك ليس ديمقراطياً ولا يساعد في صناعة سياسة قوية للدولة.
ويمكن أن تتجنب مصر هذا النوع من تركيز السلطة من خلال اجماع مدني وعسكري غير رسمي، ويتعين على الديمقراطيين المصريين ان يختاروا بعناية ما هي السلطات التي يجب منع الجيش من امتلاكها، وأن يمنعوا محاولات الجيش من تشكيل نظام رئاسي يمكنه من احتواء البرلمان، لكن المبالغة في الضغط على الجيش يمكن أن تكون لها نتائج عكسية، من شأنها ان تعرض مكتسبات هذا البلد للخطر.
إنه الاقتصاد أيها الحمقى:
منذ انتخابات باكستان عام 2008 التي أدت الى انشاء حكومة ديمقراطية، وحولت الدولة من إحدى أسرع دول آسيا نمواً الى رجل آسيا المريض، وتم خنق النمو الاقتصادي بسبب الحكم السيئ، وتنزف الخطوط الجوية والسكك الحديدية مليارات الدولارات من الخسائر سنوياً، كما ان الكهرباء تنقطع لأكثر من 12 ساعة في بعض الأيام، ويشعر 92٪ من الباكستانيين بأن دولتهم تسير في الطريق الخاطئ، ويشكل التضخم مصدر القلق الرئيس، وتواجه مصر أزمة اقتصادية قاسية، وانخفض المؤشر الرئيس في سوق الاسهم في القاهرة 40٪ هذا العام.
وبلغ نمو الاقتصاد المصري بنسبة 1٪ في حين ان التضخم والبطالة وهما السببان الرئيسان لاندلاع الثورة ارتفعا كثيراً منذ تنحي مبارك، ومن دون ادارة اقتصادية جيدة، فإن قوة العامة من أجل الانتقال الى الديمقراطية ستكون ضعيفة، ولتجنب فقدان الثقة في ما بعد الفترة الانتقالية التي عانتها باكستان، يتعين على انصار الديمقراطية المصريين تطوير سياسة اقتصادية متماسكة من شأنها مكافحة الفساد، وإعادة البلاد الى سكة الإصلاح، وفي الوقت ذاته تؤمن فرص العمل، وعليهم خصخصة الشركات المملوكة للدولة وخفض الدعم، واستعادة الاستثمارات الاجنبية، والسياحة.
وينبغي توظيف شخص من «الأتوقراط» غير ملوث اليدين في منصب وزير المالية.
وتعيش مصر الآن وسط مرحلة انتقالية صعبة ونتائجها غير واضحة المعالم، اذ إن تجربتها الديمقراطية الجنينية يمكن ان تفشل لاسباب عدة، لكن انصار الديمقراطية المصريين يمكنهم زيادة احتمال النجاح اذا تعلموا من أخطاء الباكستانيين، ويجب على القادة المدنيين ان يكونوا اكثر تعاوناً ويتبنوا نمط الحكم الذي يقضي بمشاركة جميع فئات الشعب بالسلطة، والعمل على عزل قيادة القوات المسلحة التي تزداد ضعفاً.
ترجمة:
حسن عبده حسن عن «ذي ناشونال إنترست»
أي ديمقراطية برلمانية بحكومة منتخبة بصورة حرة، لكن تحت سيطرة الجيش الذي يمتلك سلطات دستورية استثنائية.
ويظل التساؤل مشروعاً في ايامنا، كما كان في الشتاء الماضي، اذ تسير مصر على خطى باكستان حيث الفساد في النظام السياسي، وعلى الرغم من التغير في الحكومة، وتنحي مبارك، إلا أن النظام السياسي يعيش تحت عباءة المجلس العسكري، ويمكن أن يتعلم انصار الديمقراطية في مصر من حالات النجاح والفشل التي عاشها نظراؤهم الباكستانيون، وفي ما يلي أربعة تجارب من باكستان:
ينبغي عدم السماح للعسكريين بالحكم على طريقة «فرق تسد» للمدنيين:
عمدت الأحزاب المتناحرة في باكستان الى إصدار تعديل دستوري من شأنه تقليل سلطات رئيس الجمهورية، وسيطرة اقليم البنجاب، لكن انهيار التحالف بين حزب الشعب الباكستاني، وحزب الرابطة الإسلامية أدى إلى حدوث أزمة سياسية تعين على الجيش ان يتدخل لحلها، ومنذ ذلك الوقت لم ينسحب الجيش إلى ثكناته تماماً.
ولتجنب المصير ذاته يتعين على الأحزاب السياسية المصرية التعاون مع بعضها، بحيث لا تترك فراغاً يتدخل من خلاله الجيش، وكان الجنرالات قد اشاروا الى انهم يريدون التأثير في تشكيل اللجنة التي ستضع مسودة الدستور الجديد، وعلى الرغم من انهم تراجعوا عن ذلك، الا أن الجيش يمكن ان يحاول التدخل مرة ثانية في عملية وضع مسودة الدستور عن طريق استغلال مخاوف الاقباط المسيحيين من سيطرة الإسلاميين، وبناء عليه يتعين على حزب الإخوان المسلمين المتحالف مع السلفيين (يملكان نحو 60٪ من الاصوات) ضمان أن عملية وضع مسودة الدستور لن تخضع لحكم الاغلبية، الأمر الذي يستبعد غير الاسلاميين عنها، وبالتالي فإنهم يضمنون بقـاء الجيـش بعيـداً عن العمليـة السياسيـة.
ومن المعروف أن هناك مصالح ومنافسة بين الاحزاب السياسية المصرية الرئيسة، لكن هذه الخلافات يجب الا تمنعها من ضمان قيام ممثلي الشعب المنتخبين بوضع مسودة الدستور وليس الجيش.
تقوية سلطة البرلمان وتطوير قدرته وكفاءته:
على الرغم من أن السياسيين الباكستانيين هم الذين يعبرون عن سيادة البرلمان، إلا أن جمعيته الوطنية غير الفعالة تتميز بمعدل حضور ضعيف، كما أن اللجان المنبثقة عنها غير مشكلة من شخصيات مناسبة، ونجم عن ذلك حدوث فراغ في باكستان قامت بملئه المحكمة العليا القوية، ووسائل الإعلام المحسوبة على القوى السياسية، إضافة إلى الجيش.
ويتعين على الديمقراطيين المصريين تجنب المصير الباكستاني عن طريق ليس منح البرلمان السلطات التشريعية الحقيقية فحسب، وإنما تطوير قدراته وكفاءة أعضائه.
وبعد انتخابات عام 2005 في مصر عمل الإخوان على تعزيز الجدل بشأن ميزانية الدولة وزيادة كفاءات أعضاء البرلمان، عبر «مطبخه البرلماني»، لكن هذه الجهود يجب توسيعها كي تتضمن برامج التعليم الرسمي بالنسبة للمشرعين في سياسة اصدار القوانين والاستراتيجيات التشريعية.
خفض سلطات الجيش بصورة انتقائية:
من المعروف في باكستان أن رئيس الحكومة، ورئيس الجمهورية، وقائد الجيش يطلق عليهم «الثلاثي»، الذين يلتقون بصورة غير رسمية لتحديد السياسة الخارجية والأمنية، وعادة ما يسيطر قائد الجيش على هذا الثلاثي، ويسهم في استمرارية الاستقرار السياسي في الدولة، لكن هذا السلوك ليس ديمقراطياً ولا يساعد في صناعة سياسة قوية للدولة.
ويمكن أن تتجنب مصر هذا النوع من تركيز السلطة من خلال اجماع مدني وعسكري غير رسمي، ويتعين على الديمقراطيين المصريين ان يختاروا بعناية ما هي السلطات التي يجب منع الجيش من امتلاكها، وأن يمنعوا محاولات الجيش من تشكيل نظام رئاسي يمكنه من احتواء البرلمان، لكن المبالغة في الضغط على الجيش يمكن أن تكون لها نتائج عكسية، من شأنها ان تعرض مكتسبات هذا البلد للخطر.
إنه الاقتصاد أيها الحمقى:
منذ انتخابات باكستان عام 2008 التي أدت الى انشاء حكومة ديمقراطية، وحولت الدولة من إحدى أسرع دول آسيا نمواً الى رجل آسيا المريض، وتم خنق النمو الاقتصادي بسبب الحكم السيئ، وتنزف الخطوط الجوية والسكك الحديدية مليارات الدولارات من الخسائر سنوياً، كما ان الكهرباء تنقطع لأكثر من 12 ساعة في بعض الأيام، ويشعر 92٪ من الباكستانيين بأن دولتهم تسير في الطريق الخاطئ، ويشكل التضخم مصدر القلق الرئيس، وتواجه مصر أزمة اقتصادية قاسية، وانخفض المؤشر الرئيس في سوق الاسهم في القاهرة 40٪ هذا العام.
وبلغ نمو الاقتصاد المصري بنسبة 1٪ في حين ان التضخم والبطالة وهما السببان الرئيسان لاندلاع الثورة ارتفعا كثيراً منذ تنحي مبارك، ومن دون ادارة اقتصادية جيدة، فإن قوة العامة من أجل الانتقال الى الديمقراطية ستكون ضعيفة، ولتجنب فقدان الثقة في ما بعد الفترة الانتقالية التي عانتها باكستان، يتعين على انصار الديمقراطية المصريين تطوير سياسة اقتصادية متماسكة من شأنها مكافحة الفساد، وإعادة البلاد الى سكة الإصلاح، وفي الوقت ذاته تؤمن فرص العمل، وعليهم خصخصة الشركات المملوكة للدولة وخفض الدعم، واستعادة الاستثمارات الاجنبية، والسياحة.
وينبغي توظيف شخص من «الأتوقراط» غير ملوث اليدين في منصب وزير المالية.
وتعيش مصر الآن وسط مرحلة انتقالية صعبة ونتائجها غير واضحة المعالم، اذ إن تجربتها الديمقراطية الجنينية يمكن ان تفشل لاسباب عدة، لكن انصار الديمقراطية المصريين يمكنهم زيادة احتمال النجاح اذا تعلموا من أخطاء الباكستانيين، ويجب على القادة المدنيين ان يكونوا اكثر تعاوناً ويتبنوا نمط الحكم الذي يقضي بمشاركة جميع فئات الشعب بالسلطة، والعمل على عزل قيادة القوات المسلحة التي تزداد ضعفاً.
ترجمة:
حسن عبده حسن عن «ذي ناشونال إنترست»
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى