صحيفة «لا تريبون» تبيع آخر نسخة ورقية لها

يتواصل سقوط الصحف الورقية اليومية في شباك الخسائر والإغلاق، في وقت يفرض عالم الإلكترون وجوده بقوة على الساحة ويزداد شغف القراء بمتابعته، وفي عبارة واحدة "لاتريبون تهديكم أفضل تحياتها" انهت هذه الصحيفة الاقتصادية التي استمرت بالصدور بشكل يومي لأكثر من 27 عاماً مسيرتها الحافلة بالعديد من الإنجازات في عالم الصحافة، مرجعة السبب إلى ضعف المبيعات وانحدار الاعلانات وارتفاع تكاليف التوزيع.

لكن ليست هذه الصحيفة الفرنسية، هي الوحيدة التي تختفي، في وقت يزداد اهتمام القراء أكثر في الصحافة الإلكترونية، بل سبقتها صحيفة "فرانس سوار". وفي اليوم نفسه الذي أعلنت صحيفة "لاتريبون" توقفها عن الصدور، قرر القضاء أولوية بيعها بمبلغ 150 الف يورو صباح الاثنين لكونسورتيوم صحفي يعتزم تحويلها إلى صحيفة أسبوعية وتقليص طاقم عملها إلى ما يقرب الثلث.

وأشارت المحكمة التجارية في باريس إلى أولوية الكونسورتيوم المكون من فرانس ايكونومي ريجينس وهاي-مودي بامتلاك الصحيفة. ويطمح الكونسورتيوم لخفض طاقم العمل في الصحيفة من 165 موظفا إلى 50 فقط.

غير أن اختفاء النسخة الورقية لصحيفة "لاتريبون" لا يعني موتها النهائي، بل أنها ستبعث من جديد عبر الشبكة الإلكترونية وسيعمل على موقعها نحو 31 صحافياً محترفاً، كما ألتزم القائمون عليها بإصدار مجلة اقتصادية اسبوعية تحمل الأسم نفسه بدءاً من شهر ابريل/نيسان المقبل، على أن يطبع من العدد الأول 100 الف نسخة. لكن لا ضمانات تكفل إستمرار صدور هذه المجلة الموعودة وذلك بفعل الأزمة المالية التي تعيشها الصحافة الفرنسية الورقية بشكل عام.

وخلال العام الماضي أعلنت صحيفة لاتريبون أنها طرحت نفسها للبيع بعدما فشلت في ايجاد مستثمرين جدد. وقالت انها تعتزم أيضا طلب الحماية من الافلاس. وقالت الصحيفة في بيان: "في مواجهة تدهور شديد وسريع في احتياطاتنا النقدية منذ الصيف لم يعد امام الادارة من خيار سوى اتخاذ هذا القرار الضروري وان كان مؤلما".

ويشار إلى أن صحيفة لاتريبون التي أصدرت العدد الأخير منها بصفحة اولى سوداء وكأنها تنعى ذاتها، تنقلت طوال مسيرتها المهنية بين 6 مالكين آخرهم آلان ويل رئيس مجموعة «نيكست راديو» الذي حاول دفعها إلى الأمام من خلال طاقم تحريري ذو كفاءة عالية غير أن خطته لتطويرها، وفق ما جاء في الصفحة الثانية من طبعة الأمس، لم تكن متكاملة، إذ إنه عجز عن تطوير مواردها الخاصة ومواكبة التطور التقني والإلكتروني بحيث إن الصحيفة أخذت تخسر مليون يورو في الشهر منذ بداية عام 2010.

وتبين الإحصاءات أن الصحافة غير الإقليمية كانت تطبع في عام 1946 نحو 6 ملايين نسخة في اليوم، بينما تطبع اليوم 1.8 مليون نسخة. وكانت «لا تريبون» توزع 104.5 ألف نسخة في عام 2000، بينما تراجع توزيعها إلى 66 ألف نسخة العام الماضي.