شغلني شكراً..آخر ابتكارات المصريين لمواجهة البطالة

ينطلق خلال الأيام المقبلة في مصر معرض "شغلني شكرا"، للمساهمة في القضاء على البطالة المتفاقمة، خاصة بعد ثورة 25 يناير التي رفعت من أعداد العاطلين، حيث يمثل المعرض اليوم القومي للتوظيف في مصر.

وقال خبراء اقتصاديون لـ"العربية نت" إن جزءً كبيراً من حلول المشكلات التي تشهدها مصر في الوقت الحالي تتعلق بالدور المنوط برجال الأعمال والقطاع الخاص للقيام به في الفترة القادمة، مؤكدين أن المبادرات الفردية التي تلقيها المؤسسات وشركات القطاع الخاص سيكون لها دور كبير في حل مشكلة البطالة وارتفاع نسب وأعداد العاطلين في مصر.

وأشار الخبراء إلى مبادرة "شغلني شكراً" التي أطلقتها أكاديمية مركز طيبة للتدريب وتكنولوجيا الإدارة والمعلومات، والمتوقع أن تبدأ الأسبوع بعد المقبل في الهيئة المصرية للمعارض والمؤتمرات، والتي لاقت إقبالاً من قبل العديد من الشركات العاملة في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية.

ثقافة مشوهة
ومن المنتظر أن يستمر المعرض يومين، حيث يعطى فرصة لكافة القطاعات والشركات لتلقى طلبات التوظيف من الشباب، وذلك بمشاركة أكثر من 65 شركة.

وقال أشرف القاضي، عضو نقابة رجال الأعمال ورئيس شركة الأشراف للمقاولات والإنشاءات في تصريحات لـ "العربية نت"، إن الحديث عن أي حلول للمشكلات التي تشهدها مصر في لوقت الحالي، بعيداً عن إقحام أو دخول رجال الأعمال في هذه الحلول من خلال المبادرات، لن يكون لها أي دور في حلول هذه المشكلات، ومثلما تحمل الحكومة مسئولية إقامة مشاريع قومية ضخمة توفير ألاف من فرص العمل للشباب، أيضاً فإن رجال الأعمال مطالبون بأن يكون لهم دور في حل هذه المشكلة.

وعلق القاضي جزء كبير من أزمة تفشي البطالة إلى الثقافة المشوهة التي تسيطر على المجتمع المصري وخاصة على شريحة الشباب، وإلى التعليم الذي ينتج أجيالاً وخريجين ليس لهم علاقة بمتطلبات سوق العمل المحلي أو العربي، وإلى لحكومة أيضاً التي تعمل بشكل منفرد سواء قبل الثورة أو بعدها، لدرجة أننا لم نشهد أي تغير أو فروق بين بيئة العمل قبل أو بعد الثورة، في ظل استمرار الوتين والبيروقراطية الإدارية في إنهاء الإجراءات الخاصة بأي مشروع، ما يجعل البعض يتجه مباشرة إلى الفساد والتحايل على اللوائح والقوانين لإنهاء هذه الكومة من الإجراءات المعقدة.

وأوضح القاضي أن 10% فقط من المصريين لا يجدون مشاكل مالية على مدار الشهر، خاصة وأن كل أسرة لم تسلم من قضية البطالة، وللأسف فإنه وبعد تخريج دفعات كبيرة من حملة المؤهلات تجد الحكومة نفسها أمام ملايين ممن يطالبون بوحدات سكنية منخفضة التكاليف وفرص عمل لهذه الملايين، فكيف ستعمل الحكومة بمفردها على تنفيذ كل هذه المطالب، طالما استبعدت رجال الأعمال من مخططاتها، وطالما أنها لم تستطلع آراءهم فيما تقدمه من مشاريع قوانين أو تضعه من لوائح تنظيمية لعملية الاستثمار.

8 ملايين عاطل
وبلغ عدد الشركات المتقدمة للمشاركة في الحملة التي تستهدف رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص المصري، نحو 65 شركة أمس الأول.

وقد كشف تقرير رسمي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، مؤخراً، عن ارتفاع معدل البطالة في مصر بنحو 3 نقاط مئوية خلال الربع الثالث من 2011، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ليصل إلي مستوي 11.9%.

ولفت التقرير إلى أن البطالة المرتفعة في مصر كانت من ضمن الأسباب الرئيسية للاحتجاجات الحاشدة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك. وأرجع الجهاز أسباب ارتفاع معدلات البطالة إلي الأحداث السلبية التي صاحبت ثورة 25 يناير وما ترتب عليها من تباطؤ الأنشطة الاقتصادية بشكل عام.

وربما كان عدد العاطلين الذي قدره تقرير الجهاز بنحو 3.1 مليون عاطل مثار جدل واسع، حيث تشير التقديرات غير الرسمية والقريبة من الصحة إلى أن عدد العاطلين في مصر يتجاوز 8 ملايين عاطل.

وذكر التقرير أن 33.4% من العاطلين سبق لهم العمل وتم الاستغناء عنهم في ظل أحداث ثورة 25 يناير، وأدى التراجع في الأنشطة الاقتصادية إلى لجوء القطاع الخاص إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين، بلغ عددهم 141 ألف شخص، فيما بلغ معدل البطالة في المدن نحو 15.9% مقابل 8.8% في الريف.

ولفت التقرير إلى ترجع أعداد المشتغلين ليصل إلى 23.2 مليون، واستحوذ نشاط الزارعة وصيد الأسماك على الجانب الأكبر من المشتغلين ليصل عددهم إلى 6.8 مليون بنسبة 29.6% من إجمالي المشتغلين، يليه نشاط التشييد والبناء، حيث بلغ عددهم 2.7 مليون بنسبة 11.7%، ثم نشاط تجارة الجملة والتجزئة حيث بلغ عددهم 2.6 مليون بنسبة 11.2%.

وظائف عالية الجودة
ولم تكن مبادرة "شغلني شكراً" هى الأولى أو الأخيرة التي تحاول الحد من أزمة تفشي البطالة في مصر، فقد ظهر خلال الفترة الماضية ما سمي بـ "اتفاق التوظيف الوطني" وتستند هذه المبادرة القائمة على التعاون الاقتصادي المصري الألماني بالاشتراك مع الغرفة التجارية الألمانية وهيئة التعاون الدولي في مصر تحت رعاية السفارة الألمانية بالقاهرة إلى توفير وظائف عالية الجودة في أهم مجالات سوق العمل المصري، كما تعمل على توفير الهياكل المناسبة للتوظيف.

وقال رئيس أكاديمية طيبة الدكتور صديق عفيفي، إن فكرة هذه المبادرة جاءت من أحد الشباب الباحث عن العمل، وتعتمد في الأساس على شركات القطاع الخاص، خاصة في ظل عدم قدرة الحكومة على حل هذه المشكلة التي تعاني منها كل أسرة مصرية، إضافة إلى استمرار الروتين والبيروقراطية في الجهاز الحكومي الذي لن يتحمل أكثر من 6.5 مليون موظف يعملون فيه. وتسعى المبادرة إلى توفير موظفين على درجة عالية من الكفاءة قد يعينون الشركات المتعثرة على النهوض مرة أخرى.

وقال عفيفي في تصريحات خاصة لـ "العربية نت" إن هناك دم مصداقية بين الحكومة والمواطنين، حيث سبق وأن أعلن وزير المالية في الحكومة السابقة عن توافر فرص عمل وتقدم الألاف من حملة المؤهلات ولم يتم تعيين شاب واحد، وقال: إذا نجحت هذه المبادرة في توفير 500 فرصة عمل فسوف نكررها في محافظات أخرى، وأعتقد أن الشركات المشاركة في هذه الحملة لن ترفض الكفاءات من الشباب العاطل.