القرقاعون في البحرين... عادات متوارثة

القرقاعون في البحرين... قصة تراثية ضاربة في جذور التاريخ وعادة سنوية تقام في شهر رمضان، حيث يخرج الأطفال في هذه الليلة مبتهجين يلفون “الفرجان” وهم يلبسون الملابس الجديدة التي قد تُخاط لهم خصيصاً لهذه المناسبة، ويحملون معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت وهم يرددون الأنشودة المعروفة عندنا وهي:
سلم ولدهم يا الله
وخله لأمه يا الله
اييب المكده يا الله
ويحطها في جم امه
يا شفيع لأمه
قرقاعون عاده عليكم..
آوه يالصيام ما بين قصير ورميضان
سلم ولدهم يالله.. خله لأمه يالله.

ملابس الأطفال في القرقاعون:
ترتدي الفتيات البخنق “اللباس التقليدي للفتاة في القديم” فهو عبارة عن: غطاء أسود مصنوع من قماش شفاف “الشيفون” أو قماش الجورجيت، ويزين البخنق بعض النقوش المنقوشة بالخيوط الذهبية، وفي العادة يتم وضع حلية من الذهب تسمى الهلال. اختلف زي الفتاة في الوقت الحاضر عن الماضي، حيث زادت الأزياء عن الملابس التقليدية وتتوافر بأشكال كثيرة وبألوان زاهية.
بالنسبة للأولاد في الماضي، لم يكن لهم لباس محدد، فهم يلبسون الملابس المتوافرة (الثوب التقليدي) إلى جانب (القحفيه) طاقية الرأس. أما اليوم فقد اختلفت السِمات العامة لليلة القرقيعان حيث زاد اهتمام الأهل في تزيين أطفالهم، حيث يلبس الأولاد (السديري) و(القحفيه)، والبعض الآخر يلبس الدقله.
مكونات القرقاعون:
كانت مكونات القرقيعان في الماضي تقتصر على أنواع محددة من المكسرات مثل: اللوز، الجوز، النخي، الفول السوداني، إلى جانب بعض من الحلويات وأصناف معينة من الحلوى تستورد من إيران. أما اليوم اختلف الوضع، فقد زادت مكونات القرقيعان واختلف شكل تقديمها، حيث تقدم بشكل جميل ومميز.
ومن الملاحظ أن أهل الخليج عموما حريصون على إحياء تراثهم الشعبي والمحافظة عليه، سواء كان ذلك بممارسته أو بالإشارة إليه في وسائلهم الإعلامية، “القرقاعون” هي واحدة من العديد من العادات الشعبية التي يحييها أهل الخليج ويحتفلون بها سنوياً. فبإحياء هذا التراث يهدف أهل المنطقة إلى استمرار التواصل بين الماضي والحاضر، وهم بذلك لا يريدون لثقافتهم أن تندثر ولا يريدون أن تنسيهم تكنولوجيا العصر تراث الأجداد.
ونستخلص من هذا الاحتفال بعض الدلالات الاجتماعية والترفيهية والروح الجماعية والأسرية العامة، التي تميز نمط العلاقات الاجتماعية، وتظهر تلك الدلالات من خلال اهتمام الأهالي باحتفال الأطفال ومشاركتهم المشاعر الطفولية بالفرحة وإشاعة روح المودة والألفة بين الناس.
الفنانون والقرقاعون:
يقول الفنان الكوميدي علي الغرير: لاشك أن ليلة القرقاعون تعتبر بالنسبة لنا ليلة مهمة.. فقد كنا نتجهز قبل الفطور بساعات، وما ان نتناول الفطور حتى نبدأ في الانتشار بالفريج على شكل جماعات.. نطرق الأبواب من أجل الحصول على المكسرات والحلوى.
بالفعل كانت من أحلى الذكريات في حياتي.. واليوم أشاهد ابنائي وابناء الاصدقاء وهم يقرقعون... حقا انها لحظات تاريخية لا يمكن نسيانها أبدا.
- أما المذيعة هدى درويش فتؤكد أن للقرقاعون طعما خاصا في نفوس كل الأطفال، اذ تعتبر هذه الليلة مميزة جدا. مضيفة أن القرقاعون في الوقت الحالي يختلف كثيرا عن قرقاعون “لوول”... وهذا شيء طبيعي كون الظروف والحياة اختلفت.
- وللفنان حمد عتيق ذكريات أيضا مع ليلة القرقاعون حيث يؤكد أنه عاش مع أقرانه في السابق هذه الليالي الجميلة وهي ليلة القرقاعون... وكان يستمتع جدا بالأجواء الرائعة التي تنعكس على كل أهل الفريج ويؤكد أن القرقاعون يعتبر من تراثنا وتاريخنا وانه يفرح كثيرا عندما يشاهد ابناء اليوم وهم يطوفون الفرجان “للتقرقع” فالمنظر يذكره بطفولته.
- ونفس الشعور كان عند المطرب الشاب عبدالله تقي الذي قال انه عاش هذه المرحلة الجميلة وهي مرحلة الطفولة والذهاب مع الأصدقاء للاحتفال بالقرقاعون.. فالقرقاعون عادة سنوية تقام في نصف رمضان وهي تعني لنا في السابق كأطفال الشيء الكثير... أما أطفال اليوم فأتصور أنهم يفتقدون الى ما كنا نراه في السابق.. وطبعا الحياة في رمضان “لووول” تختلف عن الحياة اليوم، فالماضي له طعم خاص لن ولم يتكرر أبدا.
الجميع يحتفل:
ولا يقتصر الاحتفال بليلة القرقاعون على الأطفال في الفرجان فقط، بل تشارك العديد من المؤسسات والوزارات والأندية والمراكز الاجتماعية وغيرها في البحرين من مؤسسات المجتمع المدني في الاحتفال بهذه الليلة المتميزة.. حيث تحرص على إقامة حفل تدعو إليه الأطفال وأهاليهم ليستمتعوا بفقرات منوعة وفقرات ترفيهية وتوزيع الهدايا.
معنى قرقاعون
هناك أكثر من قول في معنى “قرقاعون”:
القول الأول: ان “قرقاعون” لفظ عامي مأخوذٌ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقومون بقرع أبواب البيوت في هذه المناسبة فسُميت المناسبة بالقرقاعون.
القول الثاني: انه مشتق من “قرَّةُ العين” وهو ما فيه سرور الإنسان وفرحه، ومنه قول الله عَزَّ وجَلَّ:... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ.