باكستان.. أمة في دولة
صفحة 1 من اصل 1
باكستان.. أمة في دولة
لكل تجمع إنساني خصائصه الذاتية التي تقودك إلى التعرف لأنماط ثقافية سلوكية لهذا المجتمع أو ذاك ولا يمكن لأي قادم أن يلم بمزاجية مجتمع للوهلة الأولى، إذ تحتاج لسنوات طوال لكي تلم بمكونات شخصية المكان وتستغل تلك الشخصية من أجل بناء قدراتك.
وباكستان دولة لا تعرف تحديدا من أين تبدأ شخصيتها وإلى أين تنتهي فهي ذات ثقافة عميقة، تمنحك الظاهر منها وتخبئ إرثا ثقافيا عميقا يكون شخصية الفرد وموقفه مما يحيط به.
وإذا كان اسم باكستان يعني (الأرض الطاهرة أو الأرض النقية) فإن الاسم أراد لها التميز منذ البدء وواصلت سيرها عبر الزمن بحثا عن هذا التميز فقد كان انفصالها عن الهند في 1947 على أساس ديني كتميز لها عما تموج به القارة الهندية من تعددية دينية تجعل التباين الديني سمة للشخصية الفرد داخل مجاميع تنهج تشعبات وتفرعات في الدين الواحد بسبب النحل والملل المتقاربة والمتباعدة بما تشكله أعراق ولغات المجتمع (البنجابية والبشتو والسندية والبلوشية والسرايكية والبراوية والهندوكية) وهي أعراق ولغات تشكل وعي الفرد الباكستاني وتجعله في حالة تمظهر ورغبة في التفرد حتى وإن كان شكليا.
وازدحام هذا الفضاء المكاني (180 مليونا) بساكنيه وتنوع الجذر الثقافي لكل أطيافه يجعل من الصعوبة الإلمام بكل تفاصيله.
وفي فترة الثمانينات الميلادية كانت تصلنا أخبار باكستان كوحدة ثقافية واحدة تحملها إلينا أخبار النازحين والعائدين من المجاهدين في أفغانستان وهي أخبار مواقع المدن التي تستقبلهم وترحلهم إلى أراضي المعارك ولم تكن الصورة واضحة تماما، لم تكن واضحة لكون الناقل لم يكن يعنيه من باكستان سوى أنها محطة ترحيل بينما هي تمثل عمقا حضاريا متقدما كان بالإمكان أن تكون محطة بناء للأمة لو أحسن الراحلون إليها فهم البناء بدل التقويض.
وشتان بين رحلة محمد بن القاسم ورحلة الذاهبين إلى أفغانستان من ممر باكستان، ففي الرحلة الأولى المبكرة كانت فكرة البناء هي الحاضرة بينما رحلات الثمانين الميلادية حضرت فيها فكرة الهدم
. وحين يعجز الصديق الدكتور علي موسى عن ترتيب الصور التي اجتاحته وهو يعبر من الفضاء الباكستاني بمواقع الجهاديين من فوق مثلث تورا بورا وشمال قندهار وجنوب بشاور هو عجز ما أحدثته فكرة الهدم إذ كانت عبثية التقويض والابتعاد عن مفاهيم البناء هي المسيطرة، فالبناء عملية تراتبية بينما التقويض عملية هدم، والهدم لا يحتاج للتراتبية. وبين التحليق للهدم والتحليق للبناء بالضرورة لن تتسق الصور في المخيلة أو عند المقارنة، والصورة الحقيقية الغائبة أن الأمة دربت أبناءها على التقويض أكثر من تدريبهم على البناء فلو كان التدريب للبناء فربما كانت كل أرض هي مرتكز لبناء حضاري.
عبده خال
بنت پاكستان- مدير الموقع
- عدد الرسائل : 19524
العمر : 38
العمل/الترفيه : طالبة علم/ زوجة / أم
تاريخ التسجيل : 02/01/2008
مواضيع مماثلة
» قيام دولة باكستان
» انفصال دولة بنجلاديش عن باكستان
» استقدام مهندسين وعمال من دولة باكستان
» قائد الجيش: باكستان لاتضمر نوازع عدوانية ضد أي دولة
» باكستان تؤكد دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة
» انفصال دولة بنجلاديش عن باكستان
» استقدام مهندسين وعمال من دولة باكستان
» قائد الجيش: باكستان لاتضمر نوازع عدوانية ضد أي دولة
» باكستان تؤكد دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى