استقالة مفاجئة للحكومة المصرية

قدّمت الحكومة المصرية، أمس، وبصورة مفاجئة، استقالتها الى الرئيس الانتقالي عدلي منصور قبل أسابيع على تنظيم انتخابات رئاسية، على خلفية تصاعد حِدة الأزمات بالشارع المصري، مؤكدة أنها عملت في ظروف دقيقة وحقّقت نتائج طيّبة وأنّها «عملت على إخراج مصر من نفق ضيق»، في خطوة ربما تمهد لإعلان ترشح وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة، فيما قبِلَ الرئيس منصور الاستقالة، وأن الحكومة ستبقى لتسيير الأعمال، وسط تقارير عن الاتجاه الى تكليف وزير الإسكان في الحكومة المستقيلة إبراهيم محلب تشكيل حكومة جديدة.

وأعلن هذه الاستقالة عبر تلفزيون الدولة رئيس الوزراء د. حازم الببلاوي، الذي قال إن «هناك الكثير من المعلومات وراء تقدّم الحكومة باستقالتها، وإن المجموعة التي عملت بالحكومة تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة والإخلاص، ولكنهم تحمّلوا المسؤولية، وأشكرهم على هذا». وأضاف أن «الحكومة قبلت المسؤولية، وتحدت الظروف في ذلك التوقيت لإخراج مصر من النفق الضيّق، والدولة استطاعت إعادة الأمن مرة أخرى في ظل مواجهة شرسة مع طرف لا يريد لهذا البلد الخير».

وتابع الببلاوي أنه بعد انتهاء المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق (خارطة المستقبل للمرحلة الانتقالية في مصر)، ووجود دستور تم التوافق عليه، فإن مصر قطعت شوطاً هاماً في مسيرة البناء الديمقراطي المنفتح، وإن مصر بحاجة لجميع أبنائها. كما لفت إلى أن الحكومة تعمل تحت رقابة الشعب والمسؤولية الكبيرة على الشعب الذي ينبغي أن يساند الحكومة ويراقبها؛ فالبلد معرّض حالياً لمخاطر كثيرة وهو ليس وقت المطالب الفئوية والمصالح الشخصية.

وتابع د. الببلاوي القول إن «البلاد أمام وضع بالغ الاختلاط وأمامنا مخاطر غير قليلة وعلينا أن نختار إما أن نساند البلد ونضحي بمصالحنا الخاصة، أو نركز على مصالحنا الفئوية دون النظر لمصلحة مصر».

تسيير أعمال

في هذه الأثناء، قال مصدر برئاسة الجمهورية المصرية إن الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، قبِلَ الاستقالة وإنه سيكلف حكومة الببلاوي بتسيير الأعمال لحين اختيار رئيس جديد للحكومة وأعضائها، مشيراً إلى أن النية تتجه للإبقاء على عدد كبير من الوزراء.

إلى ذلك، نقلت صحيفة «المصري اليوم» عن مصادر مطلعة أن وزير الإسكان في الحكومة المستقيلة إبراهيم محلب سيكلّف رئاسة الحكومة الجديدة، مضيفة أن الرئاسة أبلغته شفوياً باختياره وتكليفه بدء مشاورات لاختيار الوزراء.

ترشح السيسي

وفي الإطار، فإن الاستقالة التي قدّمتها الحكومة، دفعت إلى التأكيد على كون وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي بات يقترب من إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، وتخليه عن «البذلة العسكرية»، ما يترتب عليه تطورات سياسية جديدة على الساحة السياسية، وفي ضوء ذلك لفت رئيس الحزب المصري الاجتماعي د. محمد أبو الغار إلى أن توقيت استقالة الحكومة يعني أنه بات في حكم المؤكد أن المشير السيسي سوف يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية. كذلك قال مسؤول مصري لوكالة رويترز إن «استقالة الحكومة خطوة كانت مطلوبة قبل إعلان السيسي ترشحه للرئاسة».

وأضاف أن الحكومة قدمت استقالة جماعية لرغبة السيسي في ألا يبدو منفرداً بالتصرف.

أخطاء

وبحسب مراقبين، فإن هناك العديد من الأخطاء التي وقعت فيها حكومة الببلاوي، والتي أدت إلى تفاقم الغضب الشعبي ضدها، وتصاعد حِدة الإضرابات على خلفيتها، أبرزها الملف الاقتصادي واتخاذ الحكومة قرارات «متسرعة» غير محسوبة، في ظل وضع اقتصادي لا يسمح بها، مثل قرار «الحد الأدنى للأجور» الذي فشلت الحكومة في تطبيقه منذ بداية العام الجاري كما كان مقرراً، ما تسبب في اعتصام وإضراب العديد من الفئات، وهو ما يؤكده مسؤول الاتصال السياسي بحزب الحركة الوطنية ياسر قورة، الذي رأى أن الحكومة اتخذت قرارات غير مدروسة، أدت إلى تفاقم الأزمة بالشارع، قائلاً إنّ «حكومة الببلاوي خدمت مصالح الإخوان المسلمين بصورة كبيرة عن غير قصد، ومن خلال فشلها في مواجهة الملفات الحساسة الحالية بمصر».

ومن أبرز الأسباب كذلك، هو ما أطلق عليه رئيس حزب النور السلفي يونس مخيون «العشوائية» في اتخاذ القرارات، وعدم تناغم الوزراء فيما بينهم، وظهرت هذه العشوائية بشكل واضح وصريح على قرارات الحكومة، أبرزها على سبيل المثال قرار وزير الرياضة بحل مجلس إدارة النادي الأهلي، ثم سحبه من قبل رئيس الوزراء..

كما أن ملف الأمن كذلك يُعد من أبرز الملفات التي فشلت الحكومة في علاجها بشكل نسبي، خاصة في ظل تزايد أعداد ضحايا العمليات الإرهابية المتفرقة من المواطنين ومن الشرطة والجيش، ما يُمثل إدانة واضحة للحكومة الحالية رغم جهود وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في علاج الأزمة، ومن ثمَّ فإن الناشط السياسي البارز جورج إسحق أكد على أهمية أن تنصب الحكومة المقبلة اهتماماتها كافة على ملفي «الأمن وتطبيق القانون»، معتبراً أن الفترة الماضية كما شهدت أخطاء فادحة للحكومة، إلا أنها شهدت إنجازات أيضاً لا يمكن إنكارها.



رسالة

استقبل الرئيس المصري عدلي منصور، أمس بالقاهرة، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي مبعوثاً شخصياً وحاملاً رسالة إلى رئيس مصر من أمير دولة الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح.

وذكرت الرئاسة المصرية، في بيان لها أمس، أن المسؤول الكويتي نقل لرئيس مصر تحيات وتقدير الأمير الصباح مجددا دعمه وخالص تقديره لمصر دولة وشعبا ومتمنياً لها النجاح في إنجاز خارطة المستقبل واستكمال استحقاقاتها لما فيه خير وتقدم ورخاء الشعب المصري.

من جانبه، طلب الرئيس المصري عدلي منصور من الضيف الكويتي نقل خالص شكره وتحياته لأمير دولة الكويت مثمناً غالياً دوره ودور الكويت الفاعل في مساندة ثورة الشعب المصري ودعم إرادته الحرة. وأكد إيمان مصر الكامل بأهمية تعزيز التضامن العربي في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة العربية تحقيقاً لتطلعات وطموحات الشعوب العربية.