دهاء مساعدونفوذ تركي

نفوذ تركي .. ودهاء مساعد.!

لم يكن الجوار وحده الذي عمّق العلاقة بين تركي ومساعد، فالزمالة على مقاعد الدراسة بدءاً من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، كان لها مفعولها الأكبر في توثيق أواصر العلاقة. يدرك تركي في دواخله أنه لو لم يكن مساعد إلى جواره، ما كان تجاوز تلك المراحل الدراسية الصعبة، خصوصا الجامعية. ولأخذ من سنوات الرسوب مثنى وثلاث ورباع .!
بعدما أنهيا دراستهما الجامعية (مع فارق المستوى طبعاً) عزم كل منهما الالتحاق بدورة تطويرية، حيث استطاع تركي الدخول بإحدى الدورات التي تؤهله لوظيفة جيدة في مؤسسة عامة. لم يكن لينجح في ذلك إلا بنفوذ والده وعلاقاته. بينما لا يملك والد مساعد وهو البسيط المتقاعد من عمله، أيا من تلك الأدوات. فجلس ابنه إلى جواره في البيت بعدما أضاع وقتاً في البحث عن وظيفة بمقام شهادته.
بعد عام أنهى تركي دورته، والتحق بوظيفته الجديدة، فيما لا يزال رفيق دربه (سابقاً) يتأمل في شهادته الجامعية، وهي معلقة أعلى سرير نومه. ويتساءل: بأي ذنب علّقت. ؟!
تمر الأيام وتتوالى أسئلة كل من يقابل مساعد عن الوظيفة، حتى ضاق ذرعاً. فأخذ يبحث عن فكرة تنتشله من ذلك الكابوس.!
ذات مساء اختلى مساعد بنفسه، للبحث عن مخرج. وكان على يقين أ نه إن كان ينقصه النفوذ. فليس الأمر كذلك في الدهاء، فدبّر أمره بليل!
في اليوم التالي ذهب مساعد إلى إمام الجامع ، ليفضي إليه بأنه يعتزم الالتزام، حيث بارك له الشيخ ذلك وشجعه. وبعد أيام تغيرت ملامح مساعد، إذ أطلق لحيته، وقام بتقصير ثوبه، وألقى بعقاله. ليأخذ بعد ذلك مكانه في المجالس.
لم تمض شهور إلا وقد أصبح مساعد مؤذناً للجامع، وسعى أصدقاؤه الجدد بالتوسط له في وظيفة بالأوقاف. ولم ينته الأمر عند ذلك، بل أصبح عضواً متعاوناً في "الهيئة". وفي المساء يعمل مدرساً بأحد حلقات الذكر الحكيم. ووظيفة أخرى يكاد ينساها لولا مرتبها الذي يضخ في حسابه المصرفي نهاية كل شهر.
سأله أحدهم: كيف تجمع بين كل تلك المهام.؟ فأجابه مساعد: مسألة فروق فردية يرحمك الله.!
سؤالي : ماذا يفعل الذي لا يملك نفوذ تركي ودهاء مساعد.؟